اشتر الآن وادفع لاحقا كيف تنامت شعبيتها حول
اكتسبت خدمات «اشتر الآن وادفع لاحقا» – المعروفة اختصارا بـ«بي إن بي إل» – شعبية واسعة النطاق، مع عمل مزودي تلك الخدمات في عالم التمويل دائم التطوير مثل «أفيرم» و«باي بال» على تغيير الطريقة التي يشتري بها المستهلكون الملابس وغيرها، مما يعزز المنافسة داخل قطاع التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية.
وحسب بيانات مزودة الأبحاث «جلوبال داتا»، ارتفع الإنفاق على سوق «بي إن بي إل» من 33 مليار دولار في 2019 إلى 300 مليار دولار بحلول 2023، ومن المتوقع ارتفاعه إلى 570 مليار دولار بحلول 2026.
وعندما يستخدم العميل خدمات «بي إن بي إل» كخيار للدفع، يقوم مزود الخدمة بدفع قيمة المبلغ بالكامل للتاجر، ويقوم العميل بعد ذلك بسداد المبلغ لمزود الخدمة على أقساط.
ولأن شركات تلك الخدمات لا تتقاضى عادة فوائد، فإنها تلجأ إلى مجموعة متنوعة من مصادر الإيرادات، إذ تجني بعض تطبيقات «بي إن بي إل» الأموال عن طريق فرض رسوم بسيطة على تجار التجزئة، وتفرض بعضها على المستهلكين رسوما تدفع في النهاية، في حين يجني آخرون الأموال عن طريق الإعلانات أو تقديم نماذج اشتراكات للحصول على قنوات إضافية للدخل.
وغالبا ما تعتمد الشركات المزودة لتلك الخدمات على البنوك الشريكة كمصدر للتمويل، وتقوم بعض الشركات الناشئة بتأمين تمويل من المستثمرين لدفع ثمن المشتريات مقدما.
تزايد انتشارها
وشهدت عروض اشتر الآن وادفع لاحقا زيادة كبيرة في الاستخدام والتوافر في السنوات الأخيرة، مما سمح للأشخاص بتسديد أقساط في كثير من الأحيان قصيرة المدى على مشتريات الأثاث والسفر وتوصيل الطعام وحتى في متاجر البقالة.
وأظهر بحث جديد صادر من الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك والذي اعتمد على مسح للمستهلكين تم في أكتوبر الماضي أن الأميركيين الذين يواجهون بالفعل بعض المشاكل المالية يستخدمون عروض «اشتر الآن وادفع لاحقا» بكثافة، ويلجأ غالبيتهم لبرامج الدفع بالتقسيط قصيرة المدى خمس مرات أو أكثر سنويا.
وتميل الأسر الأكثر هشاشة من الناحية المالية في أميركا – أي من تقل درجتهم الائتمانية عن 620 أو من تم رفض طلبهم الائتماني أو تأخروا في سداد قرض لمدة ثلاثين يوما أو أكثر في العام الماضي – إلى استخدام تلك الخدمات لإجراء عمليات شراء متكررة وصغيرة نسبيا، والتي قد تواجه صعوبة في تحملها بخلاف ذلك، بينما على النقيض فإن الأسر المستقرة ماليا تميل لعدم استخدام خدمات «بي إن بي إل» بشكل متكرر.
وللتوضيح، استخدم أكثر من 62% من مستهلكي «بي إن بي إل» من ذوي الهشاشة المالية تلك البرامج في مشتريات تقل قيمتها عن 250 دولارا، بينما من يتمتعون بقدر أكبر من الاستقرار المالي يستخدمونها لإجراء عمليات شراء أكبر.
وكشفت أبحاث «بايمنتس إنتلجنس» أن المستهلكين يستخدمون بشكل متزايد خدمات «بي إن بي إل» أو أقساط بطاقات الائتمان لشراء الملابس والإكسسوارات.
والأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط بل في الدول حول العالم، ففي ألمانيا على سبيل المثال أصبحت خطط الشراء «بي إن بي إل» تحظى باهتمام كبير لأن التضخم يجعل من الصعب على الألمان وخاصة الشباب منهم تغطية نفقاتهم، لكن الأمان الوظيفي العالي يجعلهم يشعرون بالثقة بشأن سداد الأموال.
وعلى الرغم من أنها لاتزال تشكل جزءا صغيرا من إجمالي الائتمان، فإن خطط القروض السريعة هذه يمكن أن توفر دفعة استهلاكية لأكبر اقتصادات أوروبا، مع مواجهة نموذجها القائم على التصدير تحديا بسبب ضعف الطلب العالمي.
إدراك المخاطر
على الرغم من شعبيتها، فإن خدمات «اشتر الآن وادفع لاحقا» لها مخاطر قد تؤدي إلى عواقب مالية سلبية على المستخدمين، وأثار اقتصاديون والمدافعون عن حقوق المستهلكين مخاوف بشأن «بي إن بي إل»، مشيرين إلى أن نقص البيانات والشفافية واللوائح الرسمية تجعل من الصعب تحديد رؤية لتلك الصناعة.
كما أن الشركات التي تقدم خدمات «بي إن بي إل» حاليا تفتقر إلى الرقابة والتنظيم، مما يؤدي للإضرار بالمستهلكين، وبالطبع فإن مستقبل تلك الخدمات واعد، لكنه يتطلب الاستخدام المسؤول وزيادة الرقابة التنظيمية لحماية المستهلكين والحفاظ على الاستقرار المالي.
كتب الاقتصاديون لدى «ويلز فارجو» في ديسمبر الماضي عندما كان استخدام «بي إن بي إل» مزدهرا خلال العطلات: قد تؤدي خدمات «بي إن بي إل» إلى زيادة ديون المستهلك، إذ يكون المستهلكون أكثر عرضة لتحمل ديون إضافية إذا علموا أن بإمكانهم توزيع المدفوعات.
وفي المملكة المتحدة، وجد مكتب استشارات المواطنين أن واحدا من كل خمسة مستخدمين لخدمات «بي إن بي إل» قد تخلفوا عن سداد دفعة واحدة من الأقساط أو سددوها في وقت متأخر خلال الاثني عشر شهرا الماضية، وأن حوالي الثلث من الذين كانوا من المقرر أن يسددوا دفعة في الشهر الماضي اقترضوا أموالا لسداد أقساطهم.
وبشكل عام، فإن احتمالية دفع خدمات «اشتر الآن وادفع لاحقا» الأفراد إلى سلسلة من الاقتراض يمكن أن يخلق مخاطر خفية للنظام المصرفي.