ومن منا لا يحب أحمد مظهر؟
هذا الفنان المثقف الجاد الملتزم صاحب القسمات المحددة الصارمة، والقوام الرشيق، والبسمة المحسوبة بدقة.
أجل… فى 8 مايو الماضى يكون قد مرّ 22 عامًا على رحيله، ومع ذلك، فما زال حضوره مشرقًا، حيث لا يمر أسبوع تقريبًا، إلا وتعرض له إحدى القنوات الفضائية فيلمًا من أفلامه (قدم أكثر من 100 فيلم).
أذكر أننى تحدثت مع الفنان المتفرد أحمد مظهر مرة واحدة فقط عن طريق التليفون قبل أكثر من ربع قرن، إذ كنت أجرى آنذاك سلسلة من الحوارات الثقافية المطولة مع نجوم الأدب والفكر والفن وأنشرها فى جريدة البيان الإماراتية تحت عنوان ثابت هو (حكايتى مع الكتاب).
وهنا نص المكالمة مع أحمد مظهر كما دونته فور الانتهاء منها حينئذ:
– الأستاذ أحمد مظهر؟
– أنا مظهر يا بيه… خير؟
– مع حضرتك ناصر عراق صحفى فى مكتب جريدة البيان بالقاهرة، وأرجو أن تسمح لى بزيارة مكتبتك لإجراء حوار حول علاقتك بالكتاب وحكايتك معه.
– أشكرك يا بيه، لكنى مريض والدكتور لسه خارج من عندى.
– ألف ألف سلامة على حضرتك يا أستاذ مظهر، سأتواصل مع سعادتك فى وقت لاحق.
– شكرًا يا ابنى… ادعى لى.
– ربنا يشفيك يا أستاذ مظهر.
هكذا انتهت المكالمة الصغيرة، ولم يتم اللقاء للأسف، لكن ستظل تجربة أحمد مظهر (مولود فى 8 أكتوبر 1917) مع السينما ذات مذاق خاص منذ فيلمه الأول (ظهور الإسلام/ 1951) حتى رحيله فى 8 مايو 2002.
يقول الناقد السينمائى القدير الأستاذ كمال رمزى فى كتابه (نجوم السينما المصرية… الجوهر والأقنعة) يقول: (وإذا كان أحمد مظهر، بحكم ملامحه وتكوينه الجسمانى وصوته قد تخصص فى أدوار ذوى الحيثيات: المحارب، الطبيب، الباشا، الأديب الأرستقراطى، فإنه فى فيلم «لوعة الحب» لصلاح أبوسيف/ 1960، يفاجئنا بدور سائق قطار يتميز بمزاج سيئ، حاد الطباع، خشن التصرفات، وبلمسات مرهفة يعبر بدقة وبساطة عن الغثيان وانقباضات معدته نتيجة لأنواع الخمور الرديئة التى يعبها، وها هو يترنح بلا مغالاة، ويبدو شأنه شأن كل سكير مهيأ للانفعال العاصف والشجار، لكن زوجته المطيعة لا تتيح له فرصة العراك، وعلى طول الفيلم يكشف لنا أحمد مظهر عن رقة مستترة تتجلى فى نظرة ولمسة يد).
أذكر جيدًا كم حكى لى الناقد الكبير الراحل الأستاذ رجاء النقاش الكثير عن مظهر وعلاقته بنجيب محفوظ، حيث كان يجلس معهما كثيرًا فى اللقاء الأسبوعى الذى كانت تنظمه شلته (الحرافيش)، وقد أكتب يومًا ما بعض «القفشات الكوميدية» التى كانت تدور فى هذه اللقاءات رغم سخونتها المكشوفة.
بالنسبة لى أضع هذه الأفلام من أعمال مظهر فى أكرم ركن فى قلبي: (العتبة الخضراء/ 1958) (دعاء الكروان/ 1959)، و(وإسلاماه/ 1961)، (غصن الزيتون/ 1962)، و(الناصر صلاح الدين/ 1963)، و(الأيدى الناعمة/ 1964)، و(لصوص لكن ظرفاء/ 1968)، و(الشيماء/ 1971).
أجل… أحمد مظهر فاز بالإعجاب قديمًا وما زال يفوز.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.