منوعات

أثر سماع الفحش من القول على أجر الصوم.. مفتي الديار يجيب



أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، عن سؤال أحد المتابعين، والذي ورد عبر صفحة دار الإفتاء المصرية، وجاء مضمونه “ما أثر سماع الفحش من القول على أجر الصوم؟”.

قال علام: ما يَعرِض للصائم من سماعِ كلامٍ فاحشٍ وألفاظٍ بذيئةٍ ليس من مفسدات الصوم عند جمهور الفقهاء، ولا تأثير له في صحةِ الصوم، وإن كان ذلك يُعرِّضه للإثم وانتقاص ثواب صومه، ويُخشى عليه من ضياع الأجر؛ إذ اجتناب ذلك كله من مقتضيات المحافظة على العبادة وكمالها.

آداب الصيام

وتابع: للصيام آدابٌ يجب على الصائم أن يتحلى بها، منها: أن يجتنب الفُحشَ في القول والفعل، وأن يحفظ بصره عن النظر للمحرمات، وأذنه عن الاستماع إليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» أخرجهما الإمام البخاري في “صحيحه”.

فهذه الأخلاق وإن كان من الواجب على المسلم أن يتحلَّى بها في كلِّ وقت؛ إلا أنها في الصيام آكد من غيره.

وأكمل: قال ابن بطال في “شرح صحيح البخاري” (4/ 24، ط. مكتبة الرشد): [قال الداودي: تخصيصه في هذا الحديث ألا يرفث ولا يجهل -وذلك لا يحل في غير الصيام- وإنما هو تأكيدٌ لحرمة الصوم عن الرفث والجهل… فينبغي للصائم أن يُعَظِّمَ من شهر رمضان ما عظَّم الله ورسوله، ويعرف ما لزمه من حرمة الصيام] اهـ.

وقال الإمام النووي في “المجموع” (6/ 356، ط. دار الفكر): [(وقول) المصنف ينبغي للصائم أن ينزِّه صومه عن الغيبة والشتم، معناه: يتأكد التنزه عن ذلك في حق الصائم أكثر من غيره للحديث، وإلا فغير الصائم ينبغي له ذلك أيضًا ويؤمر به في كل حال، والتنزه التباعد] اهـ.

مفهوم الفحش في القول

وعن مفهوم الفحش في القول، قال مفتي الديار المصريه: الفُحش هو التحدث بما هو مستقبحٌ وفيه بذاءةٌ بألفاظٍ ظاهرةٍ معروفةٍ يستخدمها أهلُ الفساد؛ كما عبَّر بذلك الإمام الغزالي في “إحياء علوم الدين” (3/ 122، ط. دار المعرفة) حيث قال في تعريف الفُحش: [فأما حده وحقيقته: فهو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، وأكثر ذلك يجري في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به، فإن لأهل الفساد عباراتٌ صريحةٌ فاحشةٌ يستعملونها فيه، وَأَهْلُ الصَّلَاحِ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهَا، بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز فيذكرون ما يقربها ويتعلق بها] اهـ.

وأضاف: لذلك يجب على المسلم أن يكون حسن الخُلُق، طيب اللسان في كل وقتٍ وحال؛ فعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلَ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» أخرجه التِّرْمِذِيِّ في “سننه”. وفي الحديث عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ» أخرجه مسلم في “صحيحه”، وعنها أيضًا رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ كَانَ سُوءُ الْخُلُقِ رَجُلًا يَمْشِي فِي النَّاسِ؛ لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْنِي فَحَّاشًا» رواه الخرائطي في “مساوئ الأخلاق”.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى