مفرح الشمري
ساهمت الترجمة دائما في الثقافة بأن كانت همزة وصل بين الثقافات والمجتمعات الإنسانية المختلفة على مر العصور.
وعلى هذا الصعيد انطلقت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي والتي تعتبر أكبر جائزة من نوعها في العالم، رغم حداثة عمرها، فهي لم تكمل العقد الأول بعد ولكنها أصبحت أحد أهم منطلقات الثقافة العربية المعاصرة ومن سبل تعزيز هذه الثقافة في العالم كله.
في هذا الصدد، التقت «الأنباء» الناطقة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة الكاتبة الروائية والأكاديمية القطرية د.حنان الفياض، في حوار خاص حول الجائزة وفئاتها وقيمتها وأمور أخرى تتعلق بها.. تفاصيل الحوار في السطور التالية:
هل يمكن أن تحدثينا عن الأسباب التي دعت قطر لاستحداث هذه الجائزة؟ كيف بدأت الفكرة؟ وهل فكرتم في البداية بجوائز الترجمة العربية التي سبقتكم؟
٭ انطلقت الفكرة أساسا من تحليل موسع وعميق لواقعين متناقضين في الوطن العربي على الصعيد الثقافي، فالترجمة فيه مازالت غير مرضية وتفتقر الى الكم والجودة مقارنة مع دول أخرى كإسبانيا على سبيل المثال، ومن هنا بدأت فكرة إنشاء جائزة تحفز المترجمين وكذلك دور النشر على زيادة جهودهم وتقدير هذه الجهود وتكريمهم عليها في سبيل تحسين جودة الترجمة من وإلى اللغة العربية، عبر تقديم مكافآت قيمة من أجل إثارة المنافسة الشريفة وخلق حالة تنافسية بين الجميع.
وتعكس الفكرة الثانية جانبا مهما من جوانب نهضة دولة قطر وتتجلى في المشروعات والإنجازات التي حققتها الدولة في العديد من المجالات الحيوية مثل التعليم والثقافة والبحث العلمي، ولعل تجاربنا في قطر على هذا الصعيد لفتت أنظار العالم كله لهذه الدولة التي ينظر لها البعض على أنها دولة صغيرة على الخريطة ولكنها حققت الكثير من الإنجازات المشهودة التي وضعتها في دائرة الاهتمام عالميا وجائزة الشيخ حمد واحدة من هذه الإنجازات المهمة.
أما بالنسبة للجوائز التي سبقتنا فقد فكرنا فيها بالفعل وحاولنا سد الثغرات وابتكار الجديد وحل المشكلات العالقة، ونحن نقدر جهود جميع من سبقنا وكل الجهود تصب في مصلحة الثقافة عموما.
تكريم المترجمين
لكل جائزة أهدافها البعيدة، فماهي اهداف هذه الجائزة؟
٭ تهدف الجائزة أولا لتكريم المترجمين وتقدير دورهم عربيا وعالميا في مد جسور التواصل بين الأمم والشعوب. وتشجيع الأفراد ودور النشر والمؤسسات الثقافية العربية والعالمية على الاهتمام بالترجمة والتعريب والحرص على التميز والإبداع فيهما. والإسهام في رفع مستوى الترجمة والتعريب على أسس الجودة والدقة والقيمة المعرفية والفكرية. كما تهدف الى إغناء المكتبة العربية بأعمال مهمة من ثقافات العالم وآدابه وفنونه وعلومه، وإثراء التراث العالمي بإبداعات الثقافة العربية والإسلامية. وتقدير كل من أسهم في نشر ثقافة السلام وإشاعة التفاهم الدولي، أفرادا ومؤسسات.
ما الجديد الذي أضافته جائزة الشيخ حمد للجوائز التي سبقتها؟
٭ كل جائزة ثقافية تخدم واقع الثقافة العربية وتسهم بتقديمها للآخر تعتبر إضافة حقيقية ومساهمة جادة في خدمة الثقافة العربية في الوقت الراهن، وفي ظل الظروف العالمية التي فرضت علينا واقعا ثقافيا جديدا تحاول فيه كل ثقافة أن تقدم ما لديها للآخر وتأخذ منه أيضا، وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي أنجزت الكثير على هذا الصعيد فهي تعتبر أكبر جائزة من نوعها في الوطن العربي وربما في العالم كله، والإضافة الحقيقية أنها التفتت الى لغات كثيرة لم تكن الترجمات التقليدية تلتفت إليها، وفي كل دورة من دوراتنا هناك المزيد من اللغات فنحن لا نقتصر على اللغات المعروفة والمنتشرة فقط بل هدفنا الوصول لكل اللغات الحية لأننا نؤمن بأن الثقافة شراكة إنسانية بين الجميع.
نلاحظ أن معظم الفائزين بالجائزة يركزون على الكتب التراثية والفكرية.. هل هذا توجيه من إدارة الجائرة بشأن نوعية الكتب؟
٭ ليس هناك توجيه من إدارة الجائزة بشأن نوعية الكتب المترجمة، فالشروط معروفة ومتاحة للجميع وكذلك المعايير العامة للاشتراك بجائزة الشيخ حمد للترجمة، ونحن نتمنى دائما أن يغطي المترجمون المساهمون جميع جوانب المعرفة الإنسانية وبما يخدم القارئ في كل مكان ويلبي له احتياجاته، وقد سبق وأن فاز بالجائزة مترجمون عن الرواية والقصة وغيرهما، المهم نوعية الترجمة ومصداقيتها ودقتها وجودتها بالتأكيد.
خدمة الجائزة
وماذا عن د.حنان الفياض وكيف انضمت لأسرة الجائزة؟ وماذا أضافت لها؟
٭ أنا أكاديمية أعمل في جامعة قطر كأستاذة للغة العربية وسبق أن ترأست قسم اللغة العربية في الجامعة، وقد عملت لاحقا بالاعلام التلفزيوني، وعندما انضممت لأسرة جائزة الشيخ حمد للترجمة بدعوة منهم شعرت بأنها مهمة وطنية وثقافية وأنني سأسعى لبذل كل جهودي والاستفادة من كل خبراتي الأكاديمية والإعلامية لخدمة هذه الجائزة التي تنطلق من وطني الحبيب قطر نحو العالم كله خدمة للغة العربية وللثقافة العربية وتشجيعا للترجمة من العربية وإليها.
وإذا كنت قد أضفت للجائزة خبراتي على هذا الصعيد فأنا ممتنة للجائزة ولفريقها الذي أضاف لي الكثير، من خلال الاطلاع على الترجمات والثقافات المختلفة بالإضافة الى جولاتي الكثيرة في بلدان كثيرة كل عام للترويج لهذه الجائزة والتعريف بها في مختلف اللغات التي تغطيها فئات الجائزة كل عام وبما أن اللقاء مع جريدة كويتية فيسرني القول أن الكويت الحبيبة كانت إحدى أهم محطاتي للتعريف بالجائزة في أكثر من زيارة حيث قدمت أكثر من ندوة منها ندوة بدعوة من معرض الكويت الدولي للكتاب، وذلك بهدف التعريف بالجائزة.
عمل تراثي
هل يمكن التقدم للجائزة بترجمة كتب مخطوطة؟
٭ إذا كانت المخطوطة لعمل تراثي، بحيث تضمنت الترجمة تحقيقا لهذا العمل، فنعم تقبل للترشح والترشيح. أما إذا كان العمل المترجم كتابا معاصرا لم ينشر، فلا يقبل ذلك. إذ يشترط في ترجمة الكتب المعاصرة أن يكون الأصل منشورا.
ماذا عن فئات الجائزة؟
٭ للجائزة فئتان أساسيتان وهما، فئة «الكتب المفردة» التي تختص بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسة المنصوص عليها في هذه الفئة. تقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضا ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.
وفئة الإنجاز التي تختص بتكريم الجهود طويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، وتمنح الجائزة بناء على مجموعة أعمال تم إنجازها في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها ساهمت في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.
كيف تختارون اللغات كل عام؟ وماذا عن التحكيم؟
٭ تحظى الجائزة بمجلس أمناء يتغير أعضاؤه كل عامين، وهو يسهم في اختيار اللغات الأجنبية المخصصة للجائزة كل عام، أما التحكيم فيسند الى لجان تحكيم دولية مستقلة، تتكون من ذوي المكانة العلمية الرصينة وهم يتسمون بالموضوعية والحيادية، وتقوم لجنة تسيير الجائزة بالتشاور مع مجلس الأمناء باختيارهم بدقة، ويتم أحيانا الاستعانة بمحكمين ذوي اختصاصات محددة لتقييم الأعمال في مجالات اختصاصاتهم.
الجائزة بقيمة مليوني دولار أميركي ما يجعلها أغلى جائزة عربية وربما عالمية للترجمة.. فهل قيمة الجائزة هي ما يحفز على الإقبال عليها؟
٭ نعم صحيح تبلغ القيمة الإجمالية للجائزة مليوني دولار أميركي وتتوزع على فئتين وهما، جوائز ترجمة الكتب المفردة في اللغتين الرئيسيتين، وجوائز الإنجاز في اللغتين الرئيسيتين واللغات الفرعية.
ونحن لا ننكر أن قيمة الجائزة المالية الكبيرة من أسباب الإقبال الشديد والكبير عليها وعلى الاشتراك بها عاما بعد عام، ولكن هذا ليس كل شيء، صحيح أن القيمة المالية مهمة ولكن أيضا التقدير المعنوي مهم جدا، فالجائزة ذات سمعة دولية وليس محلية وعربية فقط، ويسعى أشهر المترجمين العرب والأجانب أيضا ممن يترجمون من العربية وإليها للفوز بها.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.