الدعاء هو العبادة كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم وقالت دار الافتاء المصرية يجوز الدعاء بقول: “اللهم ألحقني بالرفيق الأعلى”، والمراد بـ”الرفيق الأعلى”: مرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في أعلى جنات النعيم، وقيل: في الجنة، وقيل: فوق السماوات السبع، وقيل: هو الله تعالى؛ لأنه رفيقٌ بعباده من الرفق والرأفة، وعن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى» رواه البخاري.
قال العلامة ابن عبد البر في “الاستذكار” (3/ 85): [قَوْلُهُ: «وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى» مَأْخُوذٌ عِنْدَهُمْ مِنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69]، وَقِيلَ: الرَّفِيقُ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ: الرَّفِيقُ الْأَعْلَى مَا على فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَهِيَ الْجَنَّةُ] اهـ.
وقال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (15/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت): [الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى: الْأَنْبِيَاءُ السَّاكِنُونَ أَعْلَى عَلِيِّينَ، وَلَفْظَةُ رَفِيقٍ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ؛ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69] وَقِيلَ: هُوَ اللهُ تَعَالَى، يُقَالُ: اللهُ رَفِيقٌ بِعِبَادِهِ مِنَ الرِّفْقِ وَالرَّأْفَةِ، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وَأَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَقِيلَ: أَرَادَ مرتفق الجنة]
وقال تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) أي : من عمل بما أمره الله ورسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ، ويجعله مرافقا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة ، وهم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم .
ثم أثنى عليهم تعالى فقال : ( وحسن أولئك رفيقا )
وقال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله بن حوشب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة “ وكان في شكواه التي قبض فيه ، فأخذته بحة شديدة فسمعته يقول : ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) فعلمت أنه خير .
وكذا رواه مسلم من حديث شعبة ، عن سعد بن إبراهيم به .
وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : ” اللهم في الرفيق الأعلى “ ثلاثا ثم قضى ، عليه أفضل الصلاة والتسليم .
ذكر سبب نزول هذه الآية الكريمة :
قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محزون ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ” يا فلان ، ما لي أراك محزونا ؟ “ قال : يا نبي الله شيء فكرت فيه ؟ قال : ” ما هو ؟ “ قال : نحن نغدو عليك ونروح ، ننظر إلى وجهك ونجالسك ، وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك . فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه شيئا ، فأتاه جبريل بهذه الآية : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين [ والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ] ) فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فبشره .
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.