- وفقاً لاتفاق «أوپيك+».. الكويت تُخفض إنتاجها إلى 2.41 مليون برميل في الربع الأول من 2024
- استمرار الدور الضخم الذي يلعبه القطاع النفطي في الاقتصاد.. يسهم بنسبة 52% من الناتج المحلي
قال تحليل اقتصادي صادر عن بنك الكويت الوطني إن الإدارة المركزية للإحصاء قامت وبعد انقطاع دام لفترة طويلة، بنشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي للكويت حتى الربع الثاني من عام 2023.
وكما كان متوقعا، انكمش النمو الاقتصادي الحقيقي بما نسبته -1.3% على أساس سنوي نتيجة الأثر السلبي الناجم عن خفض الأوپيك لحصص الإنتاج. من جهة أخرى، تحسن النمو غير النفطي بعد تسجيله لعدة قراءات سلبية على أساس ربع سنوي نظرا لظهور بيانات أخرى أكثر تفاؤلا، إلا انه بقي ضعيفا بصورة مخيبة للآمال.
كما صدرت تلك البيانات مصحوبة بمراجعات جوهرية لبعض البيانات التاريخية، ما أدى لزيادة الإنتاج غير النفطي في عامي 2019 و2020، وهو الأمر الذي نتج عنه تراجع التأثير السلبي للجائحة ليصبح أقل بكثير مما كان مقدرا في السابق.
ويعزى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2023 لانخفاض إنتاج القطاع النفطي بنسبة -3.9% على أساس سنوي، ويعبر الناتج المحلي النفطي عن إنتاج الكويت من النفط الخام والذي يعكس سياسة إنتاج الأوپيك وحلفائها، والتي تركز منذ النصف الثاني من عام 2022 على تقييد مستويات الإنتاج في إطار مساعيها لدعم الأسعار نظرا لضبابية آفاق الطلب العالمي.
ووقعت الكويت في الربع الثاني من عام 2023 على تخفيضات طوعية إضافية قدرها 128 ألف برميل يوميا إضافة لحصص الإنتاج المخفضة التي وافقت عليها في أواخر عام 2022، ما أدى لخفض إنتاجها من النفط الخام إلى 2.55 مليون برميل يوميا طوال عام 2023.
وسيتم خفض إنتاج النفط بوتيرة أعمق ليصل إلى 2.41 مليون برميل يوميا حتى الربع الأول من عام 2024، بعد إصدار الأوپيك لقرار في نوفمبر الماضي يقضي باتخاذ خطوات إضافية لإعادة توازن سوق النفط.
وفي ذات الوقت، نما النشاط غير النفطي بنسبة 1.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023، فيما يعد تحسنا كبيرا مقارنة بالانكماش المسجل في الربع السابق بنسبة 0.9% على أساس سنوي.
ويعزى هذا النمو للمكاسب القوية التي حققها قطاعي النقل (+35%) والانشاءات (+21%)، إذ يعكس الأخير انتعاش نشاط إسناد المشاريع التنموية في الفترة الأخيرة.
وتمكن هذان القطاعان مجتمعان من إضافة 2.5% إلى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023.
وفي المقابل، كان نمو قطاعات المرافق العامة (-5%) والاتصالات (-1.6%) والتصنيع (-1.6%) سلبيا. ويبدو أن انكماش قطاع الصناعات التحويلية يتعارض مع نمو قطاع التكرير، الذي يمثل عادة نحو نصف إجمالي إنتاج الصناعات التحويلية.
وكشفت البيانات التي نشرتها مبادرة بيانات المنظمات المشتركة ارتفاع إنتاج التكرير بنسبة 45% على أساس سنوي وبنسبة 32% على أساس سنوي في الربعين الأول والثاني من عام 2023، على التوالي، بدعم من تدشين وتشغيل مصفاة الزور بطاقة إنتاجية قدرها 615 ألف برميل يوميا بنهاية عام 2022.
وبصفة عامة، تعتبر الصورة التي رسمتها البيانات الأخيرة أقل تفاؤلا من التوقعات، إذ بلغ نمو القطاع غير النفطي 0.2% فقط على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2023، ما يعتبر تحسنا مقارنة بنهاية عام 2022 وإن كان أقل مما يشير إليه النمو القوي لعدد من المؤشرات الأخرى عن نفس الفترة، مثل قيمة معاملات بطاقات الائتمان وبطاقات السحب الآلي (كمؤشر على الإنفاق الاستهلاكي، نما بنسبة +10% على أساس سنوي من الناحية النقدية) والواردات (+9%).
علما بأن هذه البيانات الأولية عرضة للتغيير في الإصدارات المستقبلية، وهناك أيضا مجال لتزايد معدلات النمو في النصف الثاني من عام 2023، مواصلا التحسن المسجل في الربع الأول من عام 2023. إلا انه إذا لم يتم تعديل هذه البيانات الأخيرة، فسوق يصعب الوصول إلى التقديرات للنمو غير النفطي لعام 2023 بأكمله بنسبة 3.6%.
وفي المقابل، فإن قاعدة الأساس الضعيفة لعام 2023 ستؤدي إلى سهولة تحقق توقعاتنا للنمو غير النفطي لعام 2024 بنسبة 3.4%.
وعلى نطاق أوسع، توفر بيانات الناتج المحلي الإجمالي تحديثا لبعض السمات الهيكلية للاقتصاد الكويتي:
أولا: بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 56 مليار دينار في عام 2022، أو ما يعادل 183 مليار دولار، بما يعني أن اقتصاد الكويت يحتل المركز الرابع كأكبر اقتصاد على مستوى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي (متفوقا على عمان، إلا انه أقل من قطر) ويمثل نسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي.
ثانيا: يعكس انخفاض الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023 استمرار الدور الضخم الذي يلعبه القطاع النفطي في الاقتصاد، والذي ساهم بنسبة كبيرة بلغت 52% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 بالقيمة الحقيقية (باستثناء أنشطة التكرير).
وبالقيمة الاسمية، شكل قطاع النفط نسبة أكبر بلغت 55% – ويعكس الفرق تطور القطاعات منذ عام 2010 التي تعتبر «سنة الأساس» والمستخدمة في الحسابات القومية.
(وقد يؤدي تحديث سنة الأساس إلى جانب استحداث مجموعة جديدة من الأوزان لبعض البنود إلى تغيير هذه الحصة، ما قد يغير من مساهمة القطاع وتأثيره على النمو الإجمالي.
وسيعتمد اتجاه التحول على السنة المحددة التي يتم اختيارها، إلا انه بصفة عامة، اتجهت مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي نحو الانخفاض في الآونة الأخيرة ووصلت في المتوسط إلى 42% في السنوات الخمس المنتهية في عام 2021).
ولأغراض المقارنة، في عام 2022 بلغت حصة قطاع النفط والغاز من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 44% في قطر، و39% في السعودية، و30% في الإمارات.
ثالثا: نما الناتج المحلي خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 2010 و2022 بمعدل متوسط مركب بلغت نسبته 1.8% على أساس سنوي بالقيمة الحقيقية (يتألف من 2.5% للقطاع غير النفطي على أساس سنوي و1.3% للقطاع النفطي على أساس سنوي).
وتسلط هذه السمات الهيكلية الضوء على ضرورة المضي في جهود التنويع الاقتصادي لتقليل حصة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي لتكون أقرب إلى مستويات نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال تعزيز نمو القطاع غير النفطي، والذي ينمو بنحو 2.5% وفقا لتوجهاته السابقة، أي بمعدل قد يعتبر منخفضا للغاية. وتعد طموحات الحكومة لزيادة الاستثمار وتوسيع الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في الاقتصاد أمرا بالغ الأهمية في هذا الصدد.
أداء اقتصادي متباين بعد الجائحة
ذكر تقرير «الوطني» أنه بالنظر للبيانات الجديدة لما بعد عام 2020، جاءت الصورة المتعلقة بالتعافي الاقتصادي من الجائحة متباينة.
فمن جهة، انتعش النمو غير النفطي بنسبة 4.4% في عام 2021، فيما يعد أقوى من تقديراتنا الأولية البالغة 3.8%، إلا أن ذلك أعقبه تباطؤ حاد في عام 2022 إلى 0.3% فقط، أي أضعف بكثير من التقديرات البالغة 4.3% (والتي تمثل بعض النمو المتوقع لأنشطة التكرير من محطة الزور).
ومن المؤكد أن تباطؤ النمو يعزى جزئيا إلى تقلبات بند «الرسوم المصرفية المحتسبة»، والذي قد يزيد مع ارتفاع أسعار الفائدة، والزيادة المسجلة في بند الدعوم.
وباستثناء ذلك، كان من الممكن أن يكون النمو غير النفطي أفضل إلى حد ما عند 1.7%. كما أدى الأداء غير النفطي الأفضل من المتوقع في عام 2020 لرفع قاعدة الأساس، وبالتالي الحد من حجم النمو المتوقع للتعافي.
ويبدو أن تعافى الاقتصاد غير النفطي من الجائحة كان سريعا، إذ تجاوز مستويات ما قبل الجائحة في عام 2021 وليس في عام 2022 كما كان يعتقد سابقا.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.