وسط منافسة صينية شرسة هل تستمر معاناة تسلا


جددت نتائج أعمال شركة «تسلا» عن الربع الأخير من 2023 مخاوف المستثمرين حيال تراجع هيمنة الشركة الأميركية على سوق السيارات الكهربائية.

وفضلت صانعة السيارات الكهربائية تخفيض أسعار مركباتها لتنشيط الطلب والمبيعات خلال العام الماضي، في مواجهة منافسة قوية من جانب الشركات الصينية.

ضعف نتائج الأعمال

وحققت شركة «تسلا» أرباحا وإيرادات أقل من التوقعات خلال الربع الرابع من العام الماضي، فيما بلغ نصيب السهم من الأرباح المعدلة 71 سنتا، بهبوط 40% على أساس سنوي، ومقابل توقعات «إل إس إي جي» التي كانت تشير لتسجيل 74 سنتا.

وارتفعت الإيرادات بنحو 3% لتسجل 25.17 مليار دولار، ما جاء أقل من التوقعات البالغة 25.6 مليار دولار، لتمثل أقل وتيرة نمو في ثلاث سنوات.

ويعتبر هذا هو الربع الثاني على التوالي الذي تفشل فيه «تسلا» في الوفاء بتوقعات المحللين، بعد سلسلة من نتائج الأعمال الأفضل من التقديرات منذ بداية 2021.

تطور نمو إيرادات «تسلا»

وسجلت «تسلا» هوامش إجمالية عند 17.6% في الثلاثة أشهر المنتهية في ديسمبر الماضي، مقابل 23.8% قبل عام، كما تراجعت الهوامش التشغيلية إلى 8.2% من 16% في الفترة نفسها من العام السابق له.

ورغم أن انخفاض تكاليف المواد الخام ساعد في خفض تكلفة تصنيع السيارات، فإن إنتاج شاحنة «سايبرترك» والذكاء الاصطناعي ومشاريع الأبحاث الأخرى تسببت في زيادة إنفاق «تسلا».

وانخفض متوسط التكاليف لتصنيع سيارة لدى «تسلا» إلى ما يتجاوز قليلا 36 ألف دولار، ما يمثل هبوطا بنحو 3 آلاف دولار على أساس سنوي.

وتعرض سهم «تسلا» لخسائر حادة في اليوم التالي لصدور نتائج الأعمال المخيبة للآمال، ليسجل أسوأ أداء يومي في أكثر من عام، كما تراجع سهم صانعة السيارات الكهربائية الأميركية بنحو 12% لتفقد الشركة 80 مليار دولار من قيمتها السوقية في جلسة واحدة.

ويرى جريج سلفرمان، المدير العالمي لاقتصاديات العلامات التجارية في «إنتربراند»، أن ثبات المبيعات والانخفاض الملحوظ للهوامش يشكلان دليلا جديدا على أن «تسلا» تفقد ميزتها القيادية في السوق وأن علامتها التجارية تعاني من حالة من الضعف.

تحذيرات ومخاوف مستقبلية

لم تكن نتائج الأعمال الضعيفة لشركة «تسلا» وحدها ما أثار قلق المستثمرين، لكن التوقعات القاتمة أيضا كانت وراء ردود الأفعال السلبية للمستثمرين.

وقالت «تسلا» إن نمو مبيعاتها من السيارات خلال العام الحالي سيكون أقل بكثير من الوتيرة المسجلة في 2023، مع تراجع الطلب على المركبات الكهربائية واشتداد المنافسة.

ولم تعلن صانعة السيارات الكهربائية توقعاتها للمبيعات في إجمالي العام الحالي، فيما يمثل إشارة سلبية لآفاق الأعمال ويزيد من عدم اليقين لدى المستثمرين.

وانتقد دان آيفز، المحلل في «ويدبوش سيكيوريتيز» فشل «تسلا» في طمأنة المستثمرين، معتبرا أن يوم إعلان نتائج الأعمال كان بمنزلة لحظة مظلمة للمتفائلين بأداء الشركة، خاصة مع عدم الكشف عن توقعات للعام الحالي.

وبلغت مبيعات «تسلا» من السيارات الكهربائية نحو 1.8 مليون مركبة في العام الماضي، بزيادة 38% على أساس سنوي، فيما تشير توقعات وول ستريت إلى مبيعات تتراوح بين 2.1 و2.2 مليون سيارة من «تسلا» في عام 2024، ما سيشكل زيادة 20% مقارنة بمستويات العام الماضي.

لعدة سنوات، كانت «تسلا» تهدف إلى تحقيق معدل نمو سنوي لمبيعاتها من السيارات يبلغ 50% في المتوسط، ويرى سيث جولدستين المحلل في «مورنينغ ستار» أن «تسلا» تشير إلى أن أيام نمو المبيعات بنسبة 50% أو حتى 30% لن تحدث في 2024.

تصاعد قوي للمنافسة

وتعاني «تسلا» من المنافسة القوية من جانب الشركات الصينية، ما أكده الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك بعد نتائج الأعمال الصادرة الأسبوع الماضي بقوله إن الكيانات الصينية ستحقق نجاحا كبيرا خارج الصين.

ولخص الملياردير الأميركي رؤيته بقوله «في حال عدم وجود حواجز تجارية، فإن الشركات الصينية ستدمر بشكل كبير معظم شركات السيارات الأخرى في العالم».

وتخسر «تسلا» حصتها السوقية أمام السيارات الكهربائية الرخيصة، مثل تلك التي تقوم بتصنيعها «بي واي دي» الصينية.

وسلمت «تسلا» نحو 484.5 ألف مركبة في الربع الرابع من العام الماضي، مقابل 405.2 آلاف مركبة في الفترة نفسها قبل عام، لكن «بي واي دي» الصينية باعت 526.4 ألف مركبة كهربائية بالكامل في آخر ثلاثة أشهر من 2023، لتتفوق على «تسلا» للمرة الأولى على الإطلاق.

قامت «بي واي دي» ـ مثل شركات صينية أخرى ـ بعرض خصومات سعرية كبيرة في نهاية العام الماضي، في إطار حرب الأسعار بين شركات السيارات الكهربائية، فيما فتحت سلطات الاتحاد الأوروبي تحقيقا مرتبطا بمكافحة الإغراق ضد شركات السيارات الصينية، ما قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية أعلى.

وتسعى «بي واي دي» لتعميق تواجدها في الأسواق الخارجية، حيث تعهدت في ديسمبر الماضي بافتتاح مصنع في المجر، وهو ما سيكون المصنع الأول لها في أوروبا، وأيضا في ألمانيا، حصدت «فولكس فاجن» حصة سوقية تبلغ 13.5% في العام الماضي مقابل 12.1% لمصلحة «تسلا».

هل تستمر حرب الأسعار؟

بدأت شركة «تسلا» ما تم اعتباره بمنزلة «حرب للأسعار»، بعد أن قامت بخفض أسعار سياراتها مرارا منذ نهاية عام 2022، فيما دفعت المنافسة القوية في سوق السيارات الكهربائية شركة «تسلا» إلى خفض أسعار مركباتها بنسبة 25% تقريبا خلال العام الماضي، ما جعل سياراتها الكهربائية أقل سعرا من بعض المركبات البديلة العاملة بالبنزين.

وبلغ متوسط سعر سيارات «تسلا» الجديدة المبيعة في الربع الرابع من العام الماضي نحو 43.6 ألف دولار، بهبوط 8 آلاف دولار على أساس سنوي.

واستهدفت هذه الاستراتيجية تعزيز الطلب والتغلب على المنافسين، لكنها أدت أيضا إلى هبوط هوامش الأرباح لدى «تسلا» بشكل كبير خلال الفصول الأخيرة.

وواصلت «تسلا» خفض أسعار سياراتها في العام الحالي، حيث أعلنت تخفيض سعر بيع «موديل 3» و«موديل واي» في الصين، كما أعلنت خصما على أسعار مركباتها في بعض الدول الأوروبية.

ولا يعتقد جيسي كوهين كبير المحللين في «إنفستنج» أن تخفيضات الأسعار من جانب «تسلا» قد انتهت، مرجعا ذلك إلى أن الطلب على السيارات الكهربائية لا يزال ضعيفا.

محاولات الحفاظ على الهيمنة

وتسعى «تسلا» لمواصلة النمو في بيئة صعبة تشهد منافسة قوية وتراجعا للطلب على السيارات الكهربائية.

ويشهد سوق السيارات الكهربائية حالة من تباطؤ الطلب، حيث انسحبت شركة «هيرتز» لتأجير المركبات من خطط لتوسيع أسطولها من السيارات الكهربائية، بينما أشارت «فورد» إلى أنها ترصد ضعفا في السوق، لكن «تسلا» أعلنت خطة لبدء إنتاج سيارة جديدة في العام المقبل في مصنعها في تكساس، فيما أطلقت عليه «مركبات الجيل التالي».

وقالت «تسلا» إنها تعتبر بين موجتين من النمو، واحدة مدفوعة بإصدار الطرازين «3» و«واي» في عامي 2017 و2020 على التوالي، بينما ستبدأ الموجة الثانية عبر إطلاق منصة مركبات الجيل التالي، بينما يعتقد دان آيفز المحلل في «ويدبوش سيكيوريتيز» أن هناك ضرورة لتوقف «تسلا» عن تخفيض أسعار سياراتها، مع التركيز على الحفاظ على هامش الربح مقارنة بشركات تصنيع السيارات الأخرى.

كما دعا المحلل إلى إعلان الشركة جدولا زمنيا واقعيا للإنتاج والتسليم للطراز التالي، لمنع تكرار تجربة «سايبرترك» والتي شهدت تمديد الجدول الزمني للإنتاج لعدة سنوات.

اعتبر آيفز أن «تسلا» تحتاج إلى الاهتمام القوي بالذكاء الاصطناعي، ما يشمل القيادة الذاتية الكاملة لسياراتها، لكن ماسك هدد مؤخرا بسحب مشاريع الذكاء الاصطناعي من «تسلا»، في حال عدم حصوله على حصة لا تقل عن 25% في صانعة السيارات الكهربائية، في حين يتوقع يونفي لي مدير العلامات التجارية في «بي واي دي» الصينية أن المنافسة الشرسة في سوق السيارات الكهربائية في الصين ستستمر خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، قبل أن تمحو العديد من الشركات التي لا تستطيع المنافسة.


اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading