أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي تحقيق مكاسب غير مسبوقة في العام الماضي بفضل الأداء القوي لأسواق الأسهم وسط توقعات بنهاية دورة التشديد النقدي حول العالم.
وجاءت المكاسب القياسية للصندوق السيادي الأكبر في العالم في 2023 بعد أن حقق خسائر حادة في العام السابق له، رغم تصاعد التوترات الجيوسياسية وظهور أزمات تشمل الاضطرابات المصرفية وأزمة قطاع العقارات في الصين.
مكاسب سنوية قياسية
وحقق الصندوق السيادي النرويجي أرباحا بقيمة 213 مليار دولار في عام 2023، حيث كانت العوائد المحققة للصندوق السيادي النرويجي في 2023 الأعلى على الإطلاق.
وفي عام 2022، تعرض الصندوق السيادي النرويجي لخسارة قياسية بلغت 1.64 تريليون كرونة، بفعل ما اعتبره الصندوق آنذاك «ظروفا غير معتادة للغاية في السوق»، وسط تراجع قوي لأسواق الأسهم، لكن الصندوق النرويجي حقق عائدا على الاستثمار بلغ 16.1% في العام الماضي، وهو ما يعتبر أقل 18 نقطة أساس من العائد على المؤشر الرئيسي للصندوق.
ورغم المكاسب القوية للصندوق، فإن فشله في تحقيق عوائد تعادل مؤشره شكل سابقة لم تحدث منذ خمس سنوات، نتيجة الخسائر المسجلة في استثماراته الخاصة بالعقارات غير المدرجة.
ويقيس الصندوق أداءه مقابل مؤشر قياسي يعتمد على مؤشري «فوتسي جلوبال» للأسهم و«بلومبيرغ باركليز» للدخل الثابت.
وفي هذا الخصوص، قال «نيكولاي تانجين» المدير التنفيذي لصندوق الثروة السيادي النرويجي إنه على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم والاضطرابات الجيوسياسية، فإن سوق الأسهم كان قويا للغاية في العام الماضي مقارنة بالضعف المسجل في 2022، مشيرا إلى أن أداء أسهم التكنولوجيا كان جيدا للغاية بشكل خاص خلال العام الماضي.
وتراجعت قيمة الكرونة النرويجية أمام العديد من العملات الرئيسية خلال العام الماضي، ما ساهم في زيادة قيمة الصندوق السيادي بنحو 409 مليارات كرونة، حيث بلغت قيمة الصندوق السيادي النرويجي نحو 15.765 تريليون كرونة بنهاية ديسمبر 2023.
وارتفعت التدفقات الوافدة للصندوق إلى 711 مليار كرونة في العام الماضي، وهي ثاني أعلى وتيرة على الإطلاق بعد القمة المسجلة في 2022 عند 1.1 تريليون كرونة، كما ارتفعت قيمة الاستثمارات الأميركية إلى 46.9% من أصول الصندوق النرويجي في العام الماضي من 43.1% في عام 2022.
عوائد قوية للأسهم
ويمتلك الصندوق النرويجي حصصا في أكثر من 8500 شركة في 70 دولة حول العالم، كما يستثمر الصندوق السيادي الأكبر في العالم نحو 70.9% من محفظته في الأسهم، بينما تسيطر السندات على 27.1%، والعقارات غير المدرجة على 1.9%، في حين تبلغ حصة البنية التحتية للطاقة المتجددة غير المدرجة نحو 0.1% فحسب.
وجاءت المكاسب القياسية للصندوق السيادي النرويجي مع تحقيق عائد يبلغ 21.3% على الاستثمارات في الأسهم، إذ ساهمت أسهم التكنولوجيا بنصف عوائد الصندوق السيادي النرويجي في العام الماضي، بدعم طفرة الذكاء الاصطناعي وتحسن التوقعات الاقتصادية وتصاعد احتمالات خفض معدلات الفائدة.
وكانت حصص شركات التكنولوجيا الكبرى بقيادة «مايكروسوفت» و«آبل» و«إنفيديا» ضمن الأكثر مساهمة في أرباح الصندوق النرويجي في 2023، بينما كانت شركة الأدوية «نوفو نورديسك» الأبرز من خارج قطاع التكنولوجيا، حيث احتلت المرتبة الثامنة في القائمة.
تباين الاستثمارات الأخرى
وبعيدا عن المكاسب القوية في أسواق الأسهم، حقق الصندوق السيادي النرويجي أداء متباينا في استثماراته الأخرى خلال العام الماضي، ففي أصول الدخل الثابت «السندات»، حقق الصندوق عائدا 6.1% على الاستثمارات في 2023.
وشهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية أداء متقلبا في العام الماضي، مع رفع معدلات الفائدة في النصف الأول من العام، ثم إشارات الاحتياطي الفيدرالي إلى قرب نهاية دورة التشديد النقدي.
ووصل العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات قرب مستوى 5%، قبل أن يتراجع دون 4% لاحقا.
على جانب آخر، سجلت عوائد الصندوق النرويجي من البنية التحتية للطاقة المتجددة غير المدرجة في البورصة نحو 3.7%، بينما كانت النقطة السلبية في استثمارات العقارات غير المدرجة في البورصة، والتي شهدت خسارة 12.4% في العام الماضي.
وجاءت الخسارة في قطاع العقارات غير المدرجة في البورصة نتيجة معدلات الفائدة المرتفعة والطلب الضعيف.
وقال «تانجين» إن سوق العقارات كان صعبا بشكل عام، مع ارتفاع مستويات الديون لمستويات كبيرة.
وأشار نائب الرئيس التنفيذي «تروند غراندي» إلى أن خسائر الصندوق في قطاع العقارات أدت إلى ضعف الأداء بشكل عام في 2023، حيث إن حيازتها من العقارات تعني امتلاك عدد أقل من الأسهم والسندات، ما يتسبب في عائد نسبي سلبي عندما يكون أداء تلك الأسواق جيدا.
مخاطر محتملة
وعلى الرغم من العوائد القياسية للصندوق السيادي النرويجي في العام الماضي، فإن مسؤوليه حذروا من مخاطر محتملة في الفترة المقبلة.
وقال المدير التنفيذي للصندوق إن العالم يشهد العديد من التوترات الجيوسياسية في الكثير من المناطق خلال الفترة الحالية.
وأشار «تانجين» إلى أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي والتجارة في العالم، موضحا أن حقيقة أن بعض الشركات تنقل الإنتاج بالقرب من موطنها تشكل قوة تضخمية، مضيفا أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تدفع التجارة لطرق أطول وتزيد تكاليف الشحن، ما يمثل تطورا سلبيا للاستثمار.
واعتبر مدير الصندوق النرويجي أن خطر اتساع نطاق الحرب في غزة إلى صراع إقليمي يعتبر أحد المخاطر العديدة التي يراقبها الصندوق عن كثب، محذرا من مخاطر ذلك على أسعار الطاقة.
على الجانب الاقتصادي، حذر «تانجين» الشهر الماضي من أن التضخم قد يظل مستمرا في جميع أنحاء العالم، متوقعا أن يتباطأ بوتيرة أقل كثيرا مما هو متوقع بشكل عام، كما حذر نائب الرئيس التنفيذي للصندوق من أن الأزمة التي تواجهها شركة «إيفرجراند» الصينية للعقارات كانت متوقعة منذ فترة طويلة.
وأشارت بيانات الصندوق النرويجي إلى أنه قد تخارج من استثماراته في «إيفرجراند» منذ عام 2021.
وحذر رئيس الصندوق النرويجي مرارا من أن نمو الصندوق خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية من غير المرجح أن يستمر، بالنظر إلى بيئة ارتفاع تكاليف الاقتراض وظهور التضخم مرة أخرى كعامل يجب على المستثمرين أخذه في الاعتبار.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.