يرى الخبراء في صناعة الطاقة الأمريكية أن الحصول على التراخيص اللازمة للبنية التحتية يعد عملية مرهقة للغاية، وهذا يؤدي إلى إبطاء التقدم المحرز في هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول المعوقات التي يواجهها قطاع الطاقة الأمريكي، وهل يمكن التحول نحو الاعتماد على المصادر المتجددة بوتيرة أسرع من الابتكارات في هذا المجال.
وقال “كريستوفر جيث” النائب الأول لرئيس معهد الطاقة العالمي التابع لغرفة التجارة الأمريكية خلال قمة الغرب الأوسط للطاقة في نوفمبر الماضي، إنه رغم التقلب الشديد لأسعار الطاقة العالمية على مدار الأعوام الثلاثة إلى الأربعة الماضية، استطاع قطاع الطاقة الامريكي التخفيف من حدة تلك الآثار بفضل قطاعات النفط والغاز الصخري.
وأضاف “جيث” في كلمته أن الاستثمارات في قطاع الطاقة الأمريكي انخفضت بين عامي 2020 و2022 إلى مستوياتها خلال عقد الستينيات، الأمر الذي ساهم في استمرار تراجع المعروض من الطاقة حتى اليوم، كما أن شركات الطاقة الأمريكية تواجه صعوبات تنظيمية بالغة في الحصول على موافقات لمد خطوط الأنابيب وشبكات توزيع الكهرباء بين الولايات.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تستفيد كثيراً من وفرة الغاز الطبيعي، وتتمتع بأحد أرخص الأسعار لهذا الوقود حول العالم، وتمتلك ما يكفي لتصديره إلى الدول الأخرى، ومساعدة حلفائها مع مواصلة جني الأموال.
ومن جانبه، قال “تشارلز”جوريكي” الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث الطاقة والبيئة الأمريكي، إن الهيدروجين هو العنصر الأكثر وفرة في الكون، ويعد الوقود المشتق منه جيداً في القيام بالكثير من الأمور، لكنه ليس بالضرورة الحل الأمثل لتنفيذ المهام الفردية.
وأضاف أن فائدة الهيدروجين تكمن في عدم إصداره أي انبعاثات عند استخدامه في خلايا الوقود أو حرقه مباشرة، لكن المعهد يستخدمه حالياً في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي ممزوجاً مع الغاز أو حرقه في التوربينات بنسبة معينة.
أوضح “جيف ديفدمان” نائب رئيس “دلتا إيرلاينز” لشئون الدولة والحكومات المحلية، إن شركته تسعى للوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، وأن 98% من البصمة الكربونية للشركة ترجع إلى عمليات الطيران، لذا فإن التحدي يكمن في معالجة الانبعاثات الناجمة عن حرق وقود المحركات.
وأشار إلى أنه يمكن تحقيق 25% من مستهدفات “دلتا إيرلاينز” المناخية عبر ترقية أسطول الطائرات النفاثة، بينما تعتمد بقية الجهود على إنتاج ما يكفي من الوقود المستدام للطائرات، والذي يتم الحصول عليه من مواد حيوية مثل الذرة وفول الصويا.
وتابع “ديفدمان” أن المشكلة تكمن في أن حجم إنتاج وقود الطائرات المستدام في الولايات المتحدة بلغ 15 مليون جالون في عام 2022، وهذا يكفي لتشغيل أسطول “دلتا” من الطائرات لمدة يوم أو يومين فقط، في حين لا تكفي تلك الكميات لإمداد قطاع الطيران الأمريكي بالوقود ليوم واحد.
وذكر “مايك سواني” مدير ابتكارات الطاقة المتقدمة لدى “بي إن إس إف” للسكك الحديدية خلال القمة، أن شركته تمتلك نحو 311 ألف عربة قطار، و6 آلاف قاطرة تستهلك 1.2 مليار جالون من الديزل سنوياً، وأنها تبحث عن بدائل للطاقة وتستهدف خفض انبعاثاتها بنسبة 30% بحلول عام 2030.
وقال “سواني” إن تقنيات البطاريات الكهربائية، ووقود الهيدروجين قد تجعل خفض انبعاثات أعمال الشركة بدرجة أكبر أمراً ممكناً بعد عام 2030، لكن الاعتماد على الطاقة الكهربائية المستمدة من البطاريات لتشغيل القاطرات يعد أقل بكثير من كم الطاقة اللازمة، ويجب أن تتحسن هذه التقنيات بدرجة كبيرة لتحقيق ذلك.
ويرى “ويد بويشانس” نائب الرئيس التنفيذي لدى “ساميت كربون سولوشنز- Summit Carbon Solutions ” أن زيادة نطاق الحوافز الضريبية في القسم “45 كيو” من قانون خفض التضخم، أثر بشكل إيجابي في عملية تأسيس سوق مستقر وعملي للكربون في الولايات المتحدة رغم أنها لا زالت في مرحلة النمو.
وفي نفس السياق، قال “جون هاملينج” نائب الرئيس المساعد لشئون الشراكات الاستراتيجية لدى “إي إي آر سي”، إن مشروعات التقاط وتخزين الكربون تتطلب قدراً كبيراً من الاستثمارات الرأسمالية، وبذل بعض الوقت والتكاليف من أجل تطويرها قبل تدفق الإيرادات.
وأوضح “جيث” من معهد الطاقة العالمي التابع لغرفة التجارة الأمريكية، أن نمو قطاع الطاقة المتجددة سوف يصبح له تأثير كبير على شبكة توزيع الطاقة في الولايات المتحدة، لكن التحول نحو الطاقة النظيفة لا يمكن أن يتجاوز وتيرة الابتكارات التقنية في هذا المجال.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.