ارتفاع معظم مؤشرات ثقة المستهلك بالكويت

من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.

ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.

وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.

أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر أغسطس لعام 2023 بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية لكزس، حيث تكتسب دراسات ثقة المستهلك في أكثرية دول العالم المزيد من الأهمية للإضاءة ميدانيا على حقيقة الأوضاع على شتى الصعد، كما تحولت نتائج ثقة المستهلك إلى معيار حقيقي مباشر للاطلاع على تأثير المتغيرات الأمنية والسياسية والاقتصادية في شتى الدول، كون العوامل الخارجية تتفاعل مع العوامل الداخلية في كافة دول العالم.

وهذه العوامل المتشابكة فرضت ضغوطا قاسية على مستوى ارتفاع فوائد البنوك المركزية التي تحاول تقليص مستويات التضخم النقدي، والتي تؤدي الى تداعيات على مستوى توسع الاستثمارات وانخفاض توجه الرساميل لإنتاج حقيقي، هذه المواجهة الصعبة تؤدي في عدد من البلدان إلى تراجع مستوى النمو الاقتصادي وانخفاض مستويات الاستهلاك وانخفاض مستويات الطلب على القوى العاملة.

وهذا النموذج الاقتصادي المالي الاجتماعي فرض انخفاضا في مستوى الإنتاج العالمي المتوقع كما التدني المتزايد في نسب الاستهلاك نظرا لارتفاع الأسعار.

اما فيما يتعلق بالكويت في هذا الخصوص فإن ثقة المستهلك مستقرة وترتفع بين شهر وآخر، وهذه الظاهرة محصورة في دول قليلة العدد بينما تتراجع مستويات الثقة في معظم الدول ولو بنسب متفاوتة.

والإنجاز الكويتي الذي تجسد بثبات وارتفاع معدلات ثقة المستهلك خلال الأشهر الماضية، يعتمد بالدرجة الاولى على عناصر ايجابية متنوعة، ومن أهمها: ارتفاع أسعار النفط ولو واجه بعض التراجعات النسبية الناتجة من المناخ العام والمخاطر والعراقيل على الصعيد الدولي وبشكل محدد نظرا لتراجع مستوى توقعات حجم النمو العالمي، بالإضافة الى واقع أكبر دولة مستوردة للنفط أي جمهورية الصين الشعبية نظرا لتقلص مستوى التجارة العالمية وتعاظم حجم المخزون النفطي بالصين، وما تعانيه من صعوبات في أحد أهم القطاعات الاقتصادية أي القطاع العقاري ومع ذلك فإن مردود بيع النفط تغلب على هذه الصعوبات وتستعد منظمة أوپيك لاتخاذ الإجراءات الضرورية لتوازن العرض والطلب في أسواق النفط العالمية.

كما أن ارتفاع مستويات الودائع وزيادة أرباح البنوك الكويتية ساهمت في دعم الوضع النقدي وتقوية ورفع منسوب الاستهلاك.

كذلك ارتفاع دخل الاستثمارات الخارجية الكويتية الذي بلغ 2.3 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الحالي، شكل إحدى الدعائم المالية والنقدية للكويت.

الثقة بالوضع الاقتصادي

سجل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي في شهر أغسطس معدلا بلغ 98 نقطة معززا رقمه الشهري السابق بنقطتين متراجعا 3 نقاط على أساس سنوي، ويبدو أن مكونات البحث كانت متقاربة في حكمها على مدى ثقتها بالوضع الاقتصادي الحالي فأتت الأرقام متقاربة باستثناء بعض الفئات مثلا:

تراجع معدلات الاقتصاد في أوساط العاصمة حيث خسرت من رصيدها الشهري السابق للمؤشر الأول 13 نقطة ومؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع 6 نقاط.

ومن الواضح ان جملة من معدلات الدراسة لشهر أغسطس تراجعت بين 21 نقطة كحد أقصى ونقطتين كحد أدنى.

قد تكون نفقات موسم الصيف التقليدية ضغطت على نفسية المستطلعين ومع ذلك لا بد من متابعة نتائج البحث المقبل للاطلاع على اتجاه المستطلعين.

على صعيد المحافظات، سجلت أربع محافظات معطيات ايجابية بعدد نقاط تبلغ على التوالي 12 و11 ونقطتين ونقطة واحدة إيجابية بينما بالإضافة للعاصمة اتخذت محافظة الفروانية موقفا سلبيا بتدني رصيدها السابق بنقطتين.

الواجب التوقف عنده تراجع معدل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي 21 نقطة من قبل ذوي الدخل الشهري الذي يفوق 2850 دينار شهريا، وفي المقابل رفعت فئة ذوي الشهادة المتوسطة وما دون رصيدها الشهري بإضافة 38 نقطة.

رفع الثقة بالأوضاع الاقتصادية المقبلة

سجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا معدلا بلغ 119 نقطة معززا معدله السابق 7 نقاط، هذه النتيجة تعكس مدى ارتياح المستطلعين وثقتهم بالتوقعات الإيجابية المقبلة.

هذا الموقف لم يأت منفراغ بل بني على وقائع وتوقعات مستقبلية صلبة، ومنها أن مشروع وخطة الحكومة الكويتية المعدة للإنجاز ضمن برنامج لغاية العام 2030، تأتي بهذه المشاريع رفع مستوى الإنتاج النفطي الكويتي اليومي الى 3.5 ملايين برميل وذلك بدءا من العام 2025.

وخلاصة نتائج السوق المالي أي البورصة الكويتية، أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات وليونتها بالتعاطي مع المستجدات وقدرتها على تحقيق نمو بنسبة 26% أي ما يوازي 1.8 مليار دينار خلال نصف سنة، كما احتلت الكويت المركز العاشر بين الدول الاكثر تملكا لاحتياطي الطاقة، كما نمت الأرباح البنكية الكويتية في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 48%.

ارتقاء معدل الدخل الفردي

إن تناول وتقييم مسألة الدخل الفردي ترتبط عضويا بخصوصية كل بلد على حدة فضلا عن الانظمة والقوانين المتعلقة بشأن المداخيل الفردية كما ترتبط بالقانون الضرائبي.

إن خصوصية الكويت في هذا الشأن تبرز بوضوح من ضمن سياسة دفع جملة من العطاءات الى المواطنين والمواطنات الذين يعملون في القطاع الحكومي، ومثالا على ذلك:

أشارت المعطيات والأرقام الصادرة عن وزارة المالية الكويتية إلى أنها منحت خلال السنة المالية 2022- 2023 ما يوازي ثلاثة اضعاف قيمة الرواتب لموظفي وعمال قطاع الحكومة كعلاوات وكفاءات وتقديمات بقيمة 5.59 مليارات دينار، بينما بلغت قيمة الأجور 1.65 مليار دينار.

علما ان نسبة التضخم المالي التي ارتفعت شهر يوليو الماضي إلى مستوى 3.75% على أساس سنوي أتت بتخفيض ولو بسيطا لمستوى القدرة الشرائية للدينار الكويتي، وارتفعت على اثرها اسعار التعليم والدواء وبعض السلع الغذائية متأثرة بالتضخم النقدي من جهة، وارتفاع الأسعار ونفقات النقل وكلفة التأمين من المصادر من جهة أخرى.

ضمن هذه الأجواء سجل على صعيد المناطق معدلات مرتفعة في كل المحافظات باستثناء العاصمة التي تراجع معدلها للمؤشر الاول الدخل الفردي الحالي 18 نقطة وتوقعات الدخل الفردي المتوقع نقطتين، بينما عززت المحافظات الخمس الأخرى بنسب عالية تراوحت بين 30 و26 و23 نقطة وصولا الى 13 و10 نقاط أي ان هناك شبه إجماع في المحافظات على الارتياح والرضا بالنسبة لدخل الفرد الحالي والمتوقع.

انخفاض ثقة الشباب بفرص العمل المتوافرة

تراجع معدل مؤشر فرص العمل المتوافرة في السوق حاليا إلى مستوى 136 نقطة بخسارة 9 نقاط خلال شهر وعشر نقاط على أساس سنوي.

الملاحظ أنه بالرغم من المبادرات المتنوعة والساعية من قبل القطاعين الحكومي والخاص، فضلا عن قطاع النفط والمصارف لتنظيم دورات تدريبية مهنية لرفع المستوى العلمي بين الشباب، مع ذلك سجل مؤشر الوظائف المتوافرة من قبل الشباب 155 نقطة بخسارة 23 نقطة من رصيده الشهري السابق و10 نقاط على أساس سنوي.

ان ظاهرة تراجع معدل الشباب 18-35 سنة لمؤشر توافر الوظائف علينا أن نقاربه ونقيمه سلبا او ايجابا استنادا الى معيارين، الأول: مقارنة بالمعدلين الشهري والسنوي حيث تراجع 23 و10 نقاط على التوالي، أي نتيجة سلبية.

بينما إذا اعتمدنا مقياسا آخر وهو تسجيل 137 نقطة لشهر اغسطس وهذا المستوى يعتبر أعلى من المعدل الوسطي السنوي لهذا المؤشر أي ان الشباب لم يفقدوا ثقتهم بفرص العمل بل تراجعت عن المستوى السابق.

اللافت تراجع معدل فئة حاملي الشهادات الجامعية حيث خسر 46 نقطة خلال شهر، ومن جهة مقابلة ارتفع الطلب في أوساط العمالة البسيطة التي عززت رصيدها السابق 71 نقطة.

ان سوق العمل يمر بمراحل انتقالية لا بد من متابعة مستجداته.

انخفاض مستوى الاستهلاك

سجل مؤشر آراء لشراء المنتجات المعمرة لشهر اغسطس 2023 معدلا بلغ 95 نقطة منخفضا خلال شهر 14 نقطة مع خسارة 33 نقطة على أساس سنوي.

تراجع المعدل بين مكونات البحث الـ 27 على الشكل التالي:

16 مكونا أبدوا انحسار الشراء في أوساطهم ومكون واحد استقر معدله خلال شهر و10 مكونات رفعت مستوى شرائها بنسب متفاوتة.

هل متطلبات ونفقات فصل الصيف بما في ذلك سفر المواطنين والمقيمين وعائلاتهم الذين يمضون فصل الصيف في الخارج أدت إلى انخفاض حركة الأسواق الاستهلاكية أو هناك عوامل اخرى؟

تضافرت عدة عوامل لتراجع حركة الأسواق، فبالإضافة إلى موسم الصيف وارتفاع التضخم تأتي عوامل خارجية إضافية للضغط على الاستهلاك، ومنها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع وبعض الخدمات، مثالا على ذلك ارتفاع نفقات نقل البضائع وبوالص التأمين وغيرها.

ضمن هذه الأجواء أعلن وزير التجارة الكويتي إصدار حزمة من الإجراءات لضمان المواد التموينية والمواد الغذائية والمخزون الضروري لضمان الأمن الغذائي.

ومن جهة أخرى تشديد المراقبة على حركة الأسعار وضمان حقوق المستهلكين.

لعل المستجدات الدولية على جميع الصعد تساهم في تخفيض الأسعار وتأمين الغذاء من جهة واستمرارية تنفيذ الإجراءات المتخذة داخليا للسيطرة ما أمكن على أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات الضرورية.