قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الاقتصاد العالمي يواصل صموده بشكل أفضل من المتوقع، في ظل مساهمة مرونة الإنفاق الاستهلاكي وانخفاض العرض في أسواق العمل في تعزيز نمو الأسواق المتقدمة، خاصة في الولايات المتحدة، هذا إلى جانب انحسار مخاوف الركود.
وقد تراجع التضخم مقارنة بأعلى مستوياته المسجلة، ما ساهم في دعم ثقة المستهلكين والشركات، وعزز التوقعات بأن تشديد السياسة النقدية من كبرى البنوك المركزية قد وصل لنهايته، إلا أن الارتفاع الأخير لأسعار النفط والمواد الغذائية العالمية وبقاء معدلات التضخم الأساسية أعلى بكثير من المستوى المستهدف قد تؤدي لاستبعاد خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من 2024.
وفي ذات الوقت، فإن بيانات النمو الاقتصادي الضعيفة في الصين حفزت الحكومة لتقديم دعم أقوى في الآونة الأخيرة. وإذا نجح ذلك المسار في تعزيز النمو، فسوف يؤثر بصورة إيجابية على الصادرات الأوروبية واليابانية، على الرغم من المجازفة أيضا بدفع التضخم العالمي للارتفاع.
وقد تخطى أداء الاقتصاد الأميركي التوقعات، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا مفاجئا تبددت على إثره إمكانية الركود هذا العام، وتسارعت وتيرة نمو الناتج المحلي هامشيا إلى 2.1% على أساس ربع سنوي (معدلة على أساس سنوي) بالربع الثاني من 2023 مقابل 2% في الربع السابق بفضل زيادة الاستثمار في أنشطة الأعمال وقوة الإنفاق الأسري نسبيا.
وتشير مسوحات الآراء لتسجيل الناتج المحلي نموا قويا مرة أخرى بنسبة 2.8% في الربع الثالث من العام على الرغم من أن النمو في الربع الرابع قد يتأثر باستئناف سداد ديون الطلاب المستحقة في أكتوبر، ولكن لا يزال ضعف العرض في سوق العمل يلعب دورا جوهريا في مرونة الاقتصاد الأميركي.
وأشار تقرير الوطني إلى أن الاقتصاد الأوروبي يشهد دلالات متنامية تؤكد ضعفه على خلفية الارتفاع الحاد لأسعار الفائدة والتعافي الهش للاقتصاد الصيني، وعلى صعيد قطاع الخدمات في منطقة اليورو، الذي كان يتفوق في أدائه على قطاع التصنيع لفترة طويلة، فقد بدأ يتعرض لعدد من الضغوط، إذ تراجع مؤشر مديري المشتريات لكلا القطاعين إلى ما دون عتبة 50 نقطة والتي تفصل ما بين الانكماش والنمو في أغسطس.
كما نما الناتج المحلي لمنطقة اليورو بنسبة 0.1% فقط على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من 2023، بعد تسجيله لارتفاع مماثل في الربع السابق. وقد يؤثر تراجع آفاق نمو الاقتصاد العالمي في ظل الضعف المستمر للطلب الصيني على صادرات المنطقة. وخلال شهر سبتمبر، خفضت المفوضية الأوروبية توقعاتها للنمو في منطقة اليورو لعامي 2023 (إلى 0.8% مقابل 1.1% في الربيع) و2024 (إلى 1.3% مقابل 1.6%)، في ظل انزلاق ألمانيا نحو الركود بسبب تراجع التصنيع والصادرات.
وفي ذات الوقت، وبعد أن نجح اقتصاد المملكة المتحدة في تفادي الركود حتى الآن بهامش ضيق، بدأ يتعرض لأفاق نمو مشابهة تشير لضعف الأداء، إذ انخفض الناتج المحلي بنسبة 0.5% على أساس شهري في يوليو مقابل +0.5% في يونيو، وقد ينمو بنسبة 0.1% فقط على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من العام (+ 0.2% في الربع الثاني من العام).
وبعد الانتعاش المبدئي بعد مرحلة ما بعد الجائحة، تباطأت وتيرة النمو الاقتصادي في الصين مع تعرض القطاع العقاري لمشاكل مستمرة، وضعف نشاط القطاع الصناعي، وانخفاض الصادرات. إذ تباطأت وتيرة نمو الناتج المحلي إلى 0.8% فقط على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من عام 2023 مقابل 2.2% في الربع السابق.
وبالرغم من أن تأثير سنة الأساس دفع النمو إلى 6.3% على أساس سنوي. وتشمل الضغوط التي يتعرض لها القطاع العقاري انخفاض تقييمات المنازل، ما أثر سلبا على ثقة المشترين، وتراجع نشاط الاستثمار العقاري، وارتفاع مخاطر السيولة والمخاطر المتعلقة بالملاءة المالية للمطورين.
وأدى انخفاض أسعار الأراضي لانخفاض إيرادات الحكومات المحلية وإثارة المخاوف بشأن قدرة أدواتها التمويلية على خدمة الدين، والذي يقدر بنحو 9 تريليونات دولار (55% من الناتج) وفقا لصندوق النقد الدولي. وأدى الركود العقاري لتصاعد مخاطر قطاع الظل المصرفي في البلاد والذي تبلغ قيمته 2.9 تريليون دولار.
ورغم أن المعنويات السائدة تجاه الاقتصاد مازالت سلبية، إلا أن بعض البوادر المشجعة قد ظهرت في الآونة الأخيرة، إذ سجل مؤشر أسعار المستهلكين معدل نمو إيجابي في أغسطس بنسبة 0.1% على أساس سنوي، بعد أن كان سلبيا في يوليو.
كما تسارعت وتيرة نمو مبيعات التجزئة إلى 4.6% على أساس سنوي في أغسطس، في حين ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 4.5%، ما يشير لاستقرار الأنشطة الاقتصادية. من جهة أخرى، تراجعت وتيرة الانكماش في كل من الصادرات والواردات في أغسطس، في حين ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب الرسمي للمرة الأولى منذ مارس، على الرغم من أن قراءته البالغة 51.3 نقطة ما زالت تشير إلى تسجيل نمو بمعدل متواضع فقط.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.