يسأأل الكثير من الناس عن هل يجوز للرجل أن يؤديها في بيته مع زوجته وأبنائه بدلًا من أدائها في المسجد؟ فأجابت دار الافتاء المصرية وقالت أداء الصلاة في جماعة سنة عند جمهور الفقهاء، وقال الإمام أحمد: الجماعة واجبة.
وعليه: فإنه لو صلى في منزله فإن صلاته صحيحة وتجزئه، وليس عليه وزر عند جمهور الفقهاء، وكل ما هنالك أنه ضيَّع على نفسه ثواب الجماعة -أي في المسجد-؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» أخرجه الإمام الشافعي والسبعة.
ويجوز للرجل أن يؤدي الصلاة في بيته مع زوجته وأبنائه، ولكنه يخالف سنة من سننه صلى الله عليه وآله وسلم التي ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها قدر ما يستطيع. ومما ذكر يعلم الجواب.
قال أبو جعفر: ولا تَمانُع بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم (51) ، لقول القائل: ” الحمد لله شكرًا “ – بالصحة. فقد تبيّن – إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا – أنّ الحمد لله قد يُنطق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضعَ الحمد. لأن ذلك لو لم يكن كذلك، لما جاز أن يُقال ” الحمد لله شكرًا “، فيُخْرِج من قول القائل ” الحمد لله “ مُصَدَّرَ: ” أشكُرُ”، لأن الشكر لو لم يكن بمعنى الحمد ، كان خطأ أن يُصَدَّرَ من الحمد غيرُ معناه وغير لفظه. (52)
فإن قال لنا قائل: وما وجه إدخال الألف واللام في الحمد؟ وهلا قيل: حمدًا لله رب العالمين؟
قيل: إن لدخول الألف واللام في الحمد، معنى لا يؤديه قول القائل ” حَمْدًا “، بإسقاط الألف واللام. وذلك أن دخولهما في الحمد مُنْبِئٌ عن أن معناه (53) : جميعُ المحامد والشكرُ الكامل لله. ولو أسقطتا منه لما دَلّ إلا على أنّ حَمْدَ قائلِ ذلك لله، دون المحامد كلها. إذْ كان معنى قول القائل: ” حمدًا لله “ أو ” حمدٌ لله “: أحمد الله حمدًا، وليس التأويل في قول القائل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، تاليًا سورةَ أم القرآن: أحمدُ الله، بل التأويلُ في ذلك ما وصفنا قبلُ، من أنّ جميع المحامد لله بألوهيّته وإنعامه على خلقه بما أنعم به عليهم من النعم التي لا كِفاء لها في الدين والدنيا، والعاجل والآجل.
ولذلك من المعنى، تتابعتْ قراءة القرّاء وعلماء الأمة على رَفع الحمد من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) دون نصبها، الذي يؤدي إلى الدلالة على أن معنى تاليه كذلك: أحمد الله حمدًا. ولو قرأ قارئ ذلك بالنصب، لكان عندي مُحيلا معناه، ومستحقًّا العقوبةَ على قراءته إياه كذلك، إذا تعمَّد قراءتَه كذلك، وهو عالم بخطئه وفساد تأويله.
فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله ” الحمد لله “؟ أحَمِد الله نفسه جلّ ثناؤه فأثنى عليها، ثم علَّمنَاه لنقول ذلك كما قال ووصَف به نفسه؟ فإن كان ذلك كذلك، فما وجه قوله تعالى ذكره إذًا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وهو عزّ ذكرُه معبودٌ لا عابدٌ؟ أم ذلك من قِيلِ جبريلَ أو محمدٍ رَسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقد بَطل أن يكون ذلك لله كلامًا .
قيل: بل ذلك كله كلام الله جل ثناؤه، ولكنه جلّ ذكره حَمِد نفسه وأثنى عليها بما هو له أهلٌ، ثم علَّم ذلك عباده، وفرض عليهم تلاوته، اختبارًا منه لهم وابتلاءً، فقال لهم قولوا: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . فقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ مما علمهم جلّ ذكره أن يقولوه ويَدينُوا له بمعناه، وذلك موصول بقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.