المحافظة على صلاة الفجر فى جماعة من صفات المتقين و قالت دار الافتاء المصرية إذا صلى المسلم فريضة الصبح ما بين طلوع الفجر الصادق وما قبل طلوع الشمس فقد صح أداؤها في وقتها، لكن ينقسم وقتها بحسب الفضل والثواب إلى أربعة أقسام:
الأول: وقت فضيلة، وهو أن يؤديها أول وقتها.
الثاني: وقت اختيار، وهو أن يؤديها فيما بعد وقت الفضيلة إلى وقت الإسفار؛ أي الإضاءة وانتشار أنوار الصبح في السماء.
الثالث: وقت جواز بلا كراهة، وهو أن يؤديها بعد ذلك إلى وقت الحمرة الذي يسبق طلوع الشمس.
الرابع: وقت جواز مع الكراهة وهو أن يؤديها ما بين وقت الحمرة وبين وقت طلوع الشمس.
وفضلُ الأداء في هذه الأوقات وثوابُه متفاوتٌ على نفس الترتيب السابق؛ فالأول أكثرهم ثوابًا، والأخير هو الأقل.
قال الإمام الرملي في “نهاية المحتاج” (1/ 353): [وَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ أَيْ بَعْضُهَا كَمَا مَرَّ، وَالاخْتِيَارُ أَنْ لا تُؤَخَّرَ عَنِ الإِسْفَارِ، أَي الإِضَاءَةِ؛ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ الْمَارِّ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَوْقَات: فَضِيلَةٍ؛ وَهِيَ أَوَّلُهُ، ثُمَّ اخْتِيَارٌ إلَى الإِسْفَارِ، ثُمَّ جَوَازٌ بِلا كَرَاهَةٍ إلَى الْحُمْرَةِ قَبْلَ طُلُوعِهَا، ثُمَّ جَوَازٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ] .
قال أبو جعفر: ولا تَمانُع بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم (51) ، لقول القائل: ” الحمد لله شكرًا “ – بالصحة. فقد تبيّن – إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا – أنّ الحمد لله قد يُنطق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضعَ الحمد. لأن ذلك لو لم يكن كذلك، لما جاز أن يُقال ” الحمد لله شكرًا “، فيُخْرِج من قول القائل ” الحمد لله “ مُصَدَّرَ: ” أشكُرُ”، لأن الشكر لو لم يكن بمعنى الحمد ، كان خطأ أن يُصَدَّرَ من الحمد غيرُ معناه وغير لفظه. (52)
فإن قال لنا قائل: وما وجه إدخال الألف واللام في الحمد؟ وهلا قيل: حمدًا لله رب العالمين؟
قيل: إن لدخول الألف واللام في الحمد، معنى لا يؤديه قول القائل ” حَمْدًا “، بإسقاط الألف واللام. وذلك أن دخولهما في الحمد مُنْبِئٌ عن أن معناه (53) : جميعُ المحامد والشكرُ الكامل لله. ولو أسقطتا منه لما دَلّ إلا على أنّ حَمْدَ قائلِ ذلك لله، دون المحامد كلها. إذْ كان معنى قول القائل: ” حمدًا لله “ أو ” حمدٌ لله “: أحمد الله حمدًا، وليس التأويل في قول القائل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، تاليًا سورةَ أم القرآن: أحمدُ الله، بل التأويلُ في ذلك ما وصفنا قبلُ، من أنّ جميع المحامد لله بألوهيّته وإنعامه على خلقه بما أنعم به عليهم من النعم التي لا كِفاء لها في الدين والدنيا، والعاجل والآجل.
ولذلك من المعنى، تتابعتْ قراءة القرّاء وعلماء الأمة على رَفع الحمد من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) دون نصبها، الذي يؤدي إلى الدلالة على أن معنى تاليه كذلك: أحمد الله حمدًا. ولو قرأ قارئ ذلك بالنصب، لكان عندي مُحيلا معناه، ومستحقًّا العقوبةَ على قراءته إياه كذلك، إذا تعمَّد قراءتَه كذلك، وهو عالم بخطئه وفساد تأويله.
فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله ” الحمد لله “؟ أحَمِد الله نفسه جلّ ثناؤه فأثنى عليها، ثم علَّمنَاه لنقول ذلك كما قال ووصَف به نفسه؟ فإن كان ذلك كذلك، فما وجه قوله تعالى ذكره إذًا إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وهو عزّ ذكرُه معبودٌ لا عابدٌ؟ أم ذلك من قِيلِ جبريلَ أو محمدٍ رَسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقد بَطل أن يكون ذلك لله كلامًا .
قيل: بل ذلك كله كلام الله جل ثناؤه، ولكنه جلّ ذكره حَمِد نفسه وأثنى عليها بما هو له أهلٌ، ثم علَّم ذلك عباده، وفرض عليهم تلاوته، اختبارًا منه لهم وابتلاءً، فقال لهم قولوا: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . فقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ مما علمهم جلّ ذكره أن يقولوه ويَدينُوا له بمعناه، وذلك موصول بقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.