دبي:«الخليج»
قالت «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيفات الائتمانية، الاثنين: «إن لبنان ومصر والأردن هي الأكثر عرضة للضرر في القطاع السياحي، جراء الحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة، بسبب قربها الجغرافي واحتمال توسع نطاق الصراع عبر حدودها»، مشيرة إلى أن «وجهة نظرنا تأتي من نتائج تحليل السيناريو الذي أجريناه، الذي اختبرنا فيه الأثر المالي لخسارة نسبتها 10% أو 30% أو 70% في عائدات السياحة في كل دولة. وفي العام الماضي، ساهمت السياحة بنسبة 26% من إيرادات الحساب الجاري للبنان وبلغت المساهمة في الأردن 21% وفي مصر كان الرقم 12% وفي إسرائيل 3%».
وبحسب التقرير الجديد ل «ستاندر آند بورز»، فإن الآثار المحتملة للحرب الدمار تشمل هروب المحافظ الاستثمارية والودائع غير المقيمة وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد تؤدي الاحتجاجات المتزايدة في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تفاقم عدم الاستقرار الاجتماعي وتصاعد المخاطر السياسية. بالإضافة إلى ذلك، إن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة أو التصعيد الخطير في الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من تدفقات اللاجئين التي ستثقل كاهل الاقتصادات في المنطقة. وكما رأينا في الأردن (ولبنان في أعقاب أزمة اللاجئين السوريين)، فإن هذا قد يؤدي إلى إضعاف المقاييس المالية والائتمانية. وإن إطالة أمد الصراع قد تؤدي إلى خسارة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي وإيرادات القطع الأجنبي في أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتشير «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى أن «قطاع السياحة يعد مصدراً كبيراً للتوظيف ومصدراً مهماً للقطع الأجنبي في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، لافتة إلى أن قطاعات السياحة شهدت تعافياً قوياً على مستوى العالم في عام 2023، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط. ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، زاد عدد السياح القادمين إلى المنطقة في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بنسبة 20%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019. وهذا يجعل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الوحيدة التي عادت فيها السياحة إلى مستويات ما قبل الجائحة وتجاوزتها، مما يدعم النمو الاقتصادي وأوضاع الحساب الجاري للاقتصادات، ولكن تداعيات الحرب قد تعرض هذا التقدم للخطر».
- تباطؤ السياحة
وبحسب التقرير، فإن البلدان المجاورة مباشرة لإسرائيل وغزة أكثر عرضة لتباطؤ السياحة؛ نظراً للمخاوف بشأن المخاطر الأمنية والاضطرابات الاجتماعية في ظل زيادة نقاط الضعف الخارجية. ويساهم قطاع السياحة أيضاً بنسبة 12%-26% من إيرادات الحساب الجاري، مما يحقق دخلاً من العملات الأجنبية فضلاً عن خلق فرص للعمل.
ويلفت التقرير إلى أن «إيرادات السياحة ارتفعت خلال النصف الأول من عام 2023 بأكثر من 50% في الأردن و30% في مصر، وكانت عند مستويات قياسية عالية على مدى 12 شهراً حتى 30 يونيو في كلا البلدين. وفي لبنان، ارتفع عدد السياح بنسبة 33% في الفترة من يناير إلى أغسطس. يوفر قطاع السياحة فرص عمل لنحو 20% من السكان في الأردن ولبنان، وهو قطاع مهم؛ نظراً لمعدلات البطالة التي تبلغ نحو 30% في لبنان و19% في الأردن. وفي مصر، يوفر هذا القطاع فرص عمل مباشرة لما يقرب من 10% من السكان».
وأشار التقرير إلى أن «منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، أبلغت العديد من وكالات السياحة في مصر عن إلغاء نحو نصف الحجوزات لشهري نوفمبر وديسمبر، خاصة من المسافرين الأوروبيين. وأوقفت شركات طيران مثل لوفتهانزا ويورو وينجز والخطوط الجوية السويسرية رحلاتها إلى لبنان في منتصف أكتوبر. ونعتقد أن اتجاهات مماثلة يمكن أن تظهر في قطاع السياحة في الأردن».
وبحسب «ستاندرد آند بورز غلوبال»، فإن لبنان هو الأكثر اعتماداً على قطاع السياحة بين الدول الأربع، حيث يمثل 26% من إيرادات الحساب الجاري. وهذا يعرض البلاد لتراجع في النمو الاقتصادي والأرصدة الخارجية بسبب انخفاض عدد السياح، مشيرة إلى أن «تأثير سيناريوهات الضغط لدينا أسوأ على مصر من حيث القيمة المطلقة للدولار الأمريكي وكنسبة من الاحتياطيات».
أما فيما يخص لبنان، تشير بيانات «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى أنه إذا انخفضت عائدات السياحة بنسبة 10% إلى 30%، فإن الخسارة المباشرة في الناتج الاقتصادي يمكن أن تصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وبينما يبدو التأثير أقل وضوحاً كنسبة مئوية من الاحتياطيات الأجنبية، فإن ذلك يرجع إلى أن إجمالي احتياطيات القطع الأجنبي في لبنان أعلى، ولكنها تشتمل على جزء كبير من الذهب والاحتياطيات المطلوبة على ودائع البنوك بالعملات الأجنبية، التي لا يمكن لمصرف لبنان الوصول إليها. وفي ظل النقص المستمر في العملات الأجنبية، وانخفاض قيمة العملة بأكثر من 95% منذ عام 2020، والتضخم المفرط، والفراغ السياسي، لا يستطيع لبنان تحمل التخلي عن تدفقات العملات الأجنبية الهامة من السياحة.
وترى «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن مصر في وضع أكثر عرضة للخطر من الأردن، على الرغم من انخفاض التركيز الاقتصادي في قطاع السياحة. وذلك لأن نقص الإيرادات سيؤثر بشكل أكبر على مركزها الخارجي في ظل الديون الخارجية الكبيرة المستحقة. ولفتت إلى أن «خسارة إيرادات السياحة بنسبة تتراوح بين 10%-30% يمكن أن تكلف البلاد ما بين 4%-11% من احتياطيات القطع الأجنبي، إذا تدخل البنك المركزي المصري في سوق صرف العملات الأجنبية. ومع ذلك، تتوقع»ستاندرد آند بورز غلوبال” أن يستمر المانحون متعددو الأطراف والثنائيون في دعم مصر والأردن، لأن عدم الاستقرار في هذين البلدين قد يمتد إلى باقي أرجاء المنطقة. على سبيل المثال، أودعت بعض دول الخليج، بعد دخول القوات الروسية أوكرانيا في فبراير 2022، 13 مليار دولار أمريكي (2.7% من الناتج المحلي الإجمالي) في البنك المركزي المصري.
وتجدر الإشارة إلى أن الزوار القادمين من المنطقة والمغتربين يمثلون الحصةالأكبر من مجمل عدد السياح القادمين، مما سيساعد في حماية القطاع من صدمة أكبر. من المرجح أن يكون الطلب لدى هؤلاء الزوار غير مرن إلى حد ما تجاه الاعتبارات الجيوسياسية الإقليمية، من وجهة نظرنا. وفي لبنان، كان ما يقرب من 80% من إجمالي القادمين خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 لبنانيين غير مقيمين وجنسيات عربية أخرى. أما في الأردن، فقد مثلت هذه الفئة 73% من دخل السياحة في الأشهر ال 12 حتى 30 يونيو. من ناحية أخرى، إن اعتماد السوق المصري على السياح القادمين من أوروبا الغربية، بما فيها المملكة المتحدة، أكبر، وقد لا يكون للسياح الباحثين عن أشعة الشمس بمن فيهم القادمين من خلال برامج عروض العطلات أي تفضيل لوجهات محددة.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.