قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط تراجعت بنهاية عام 2023، مواصلة فقدان الزخم بعد أن طغت مخاوف الطلب على المخاطر الجيوسياسية وتوقعات خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع في عام 2024، وقد أنهى خام التصدير الكويتي تداولات ديسمبر عند 79.6 دولارا للبرميل، ليسجل تراجعا شهريا بنسبة 8.9%، وتراجعا بـ 3% خلال عام 2023.
وأنهت العقود الآجلة لخام برنت تداولات شهر ديسمبر عند 77 دولارا للبرميل (-7% على أساس شهري)، متراجعة للشهر الثالث على التوالي لتنهي تداولات 2023 بانخفاض نسبته 10.3%، في تناقض حاد مع المكاسب المسجلة في عام 2022 بنسبة 10.4%.
وفيما يخص آفاق نمو أسعار النفط في عام 2024، قال تقرير «الوطني» إنها أبعد ما تكون عن الوضوح، إذ يؤكد التباين الشديد لتوقعات الطلب على النفط العام المقبل حالة عدم اليقين المحيطة بأساسيات سوق النفط مع بداية عام 2024، لكنه توقع أن يصل سعر مزيج خام برنت إلى 85 دولارا للبرميل في 2024، أي أعلى بقليل من توقعات أطراف أخرى البالغة في المتوسط 82.6 دولارا للبرميل، وأعلى من الأسعار الحالية.
وأشار إلى أن تراجع معدلات التضخم في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يؤدي لتحقيق «الهبوط الناعم» في الولايات المتحدة وربما يؤدي ذلك بدوره إلى تيسير السياسة النقدية بوتيرة أسرع، ما قد يؤثر إيجابا على الطلب على النفط.
كما ستبقى إمدادات النفط تعتمد على سياسات الأوپيك بعد انتهاء فترة خفض حصص الإنتاج الطوعية في الربع الأول من العام الحالي في ظل تباطؤ نمو العرض من خارج الأوپيك. وتشمل المخاطر التي تهدد توقعات الطلب على النفط نمو الاستهلاك بوتيرة أقوى من المتوقع في الهند والشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يقابله تباطؤ النشاط الاقتصادي في الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أما من جهة العرض، تعتبر تخفيضات الأوپيك هي العامل الرئيسي لارتفاع الأسعار بدعم من إمكانية فرض عقوبات أميركية أكثر صرامة على صادرات النفط الخام الإيراني نظرا للتطورات الجيوسياسية الأخيرة، وكلاهما يفوق تأثير (تباطؤ) نمو إنتاج النفط الخام الأميركي.
وقد عدلت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب على النفط في عام 2024، مستشهدة بمرونة الاقتصاد الأميركي وانخفاض أسعار النفط، إذ قدرت النمو بنحو 1.1 مليون برميل يوميا (+130 ألف برميل يوميا)، ويعتبر هذا المستوى أقل من نصف معدل النمو الذي توقعته الوكالة لعام 2023 والبالغ 2.3 مليون برميل يوميا.
وتعكس هذه التوقعات عوامل التباطؤ التي تواجه الاقتصاد العالمي بما في ذلك عودة استهلاك النفط الصيني لمستوياته الطبيعية بعد الانتعاش القوي الذي شهده في عام 2023. ورغم ذلك، لم تجمع آراء المحللين على تحديد المعدل المتوقع لنمو الطلب على النفط في عام 2024، إذ تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يصل النمو إلى 1.3 مليون برميل يوميا.
إلا أن ذلك المعدل يفترض مقارنة بخط أساس أقل للتوقعات السابقة، في حين تتوقع الأوپيك أن يصل معدل النمو إلى 2.2 مليون برميل يوميا، فيما يبدو غير منطقي نظرا للقرار الذي اتخذته المجموعة في أواخر شهر نوفمبر بخفض الإمدادات بدعوى موازنة ضعف الطلب.
وعلى صعيد العرض، كشفت بيانات مصادر الأوپيك الثانوية ووكالة ستاندرد آند بورز جلوبال عن انخفاض إجمالي إنتاج الأوپيك وحلفائها (الأعضاء المقيدين بخفض حصص الإنتاج) إلى 35.8 مليون برميل يوميا (-153 ألف برميل يوميا) في نوفمبر الماضي.
وجاء العراق (-77 ألف برميل يوميا) وأنغولا (-38 ألف برميل يوميا) في صدارة الدول التي خفضت إنتاجها. كما قامت الدول الأعضاء غير المقيدة بخفض حصص الإنتاج، وهي تحديدا إيران وليبيا وفنزويلا، بزيادة إنتاجها مجتمعة بمقدار 51 ألف برميل يوميا في نوفمبر وبإجمالي قدره 0.7 مليون برميل يوميا منذ بداية 2023 حتى شهر نوفمبر، وهو حجم إنتاج لا يستهان به وكان له بعض التأثير في إضعاف جهود الأوپيك الرامية لتقليص الإمدادات.
وعلى مستوى منظمة الأوپيك، كشف قرار أنغولا بالانسحاب من المجموعة بعد 16 عاما من العضوية عن التوترات الكامنة والتحديات التي تواجه أوپيك في مساعي كبح جماح الإمدادات العالمية في إطار مساعيها للحفاظ على التماسك بين كتلة من منتجي النفط ذات قدرات وإمكانات إنتاجية مختلفة.
ويعزى قرار أنغولا بالانسحاب من الأوپيك نتيجة الخلافات حول توزيع حصص الإنتاج الخاصة بها، والتي تم تقييمها من قبل شركات الطاقة المستقلة بأنها أقل بكثير مما كانت تراه مناسبا وأقرب للمستوى الذي تنتجه البلاد في الوقت الحالي. وبالتالي، لم تكن أنغولا مستعدة لقبول حصة إنتاج مخفضة بشكل حاد لعام 2024، خاصة في ظل اعتقادها أنها فرضت عليها من أجل إفساح المجال لزيادة حصة الإمارات.
وعلى الرغم من أن قرار أنغولا الانسحاب من التحالف قد لا يكون له تأثير جوهري على أسعار النفط نظرا للطاقة الإنتاجية المحدودة التي تتسم بها البلاد، فإن عدم قدرة الأوپيك على حشد إجماع الآراء على مستوى المجموعة لخفض الإنتاج يسلط الضوء على عدم رغبة الدول الأعضاء في تحمل المزيد من خفض حصص الإنتاج. وقد تكون هناك حاجة لذلك إذا جاء نمو الطلب على النفط أقل بكثير مما تصورته المجموعة.
من جهة أخرى، زاد إنتاج النفط في الولايات المتحدة لمستوى قياسي بلغ 13.3 مليون برميل يوميا في ديسمبر الماضي، وفقا لما كشفت عنه البيانات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وتجاوز نمو إنتاج الولايات المتحدة 1.1 مليون برميل يوميا (+9%) في عام 2023، في تحول ملحوظ عن مستويات الجائحة ومسجلا أفضل أداء لقطاع النفط الأميركي منذ عام 2019، إلا أن ذلك قد لا يتكرر في عام 2024 إذا صدقت توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية بتباطؤ نمو الإنتاج إلى 0.2 مليون برميل يوميا فقط نتيجة الانخفاض المتوقع لعدد منصات الحفر النفطية النشطة والارتفاع النسبي لتكلفة الائتمان.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.