يتجه عام 2024 فعلا إلى أن يصبح بالنسبة للمستثمرين عاما من الصعب اجتيازه، وسط تصاعد الجدل حول إجراءات البنوك المركزية، واحتمالات تباطؤ الاقتصاد والانتخابات الحاسمة في بلدان مختلفة، والتي تضغط جميعا على أذهان مديري الصناديق.
وفي هذا السياق، سألت «بلومبيرغ نيوز» المديرين التنفيذيين في شركات الاستثمار الكبرى، التي تدير أصولا تقدر في مجموعها بنحو تريليوني دولار، حول الوجهة التي يخططون لاستثمار أموالهم فيها هذا العام.
وبداية من مقدمي الخدمات الصيدلانية لصالح الغير، ووصولا إلى سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل وعقود الائتمان الخاصة، يبحث مسؤولو الاستثمار من سنغافورة إلى سويسرا عن نمو طويل الأجل، ويراهنون على أن تباطؤ الاقتصاد قد دفع أخيرا أسعار الأصول إلى الانخفاض، ما يوفر وقتا مناسبا للشراء.
ويعتقد جيفري جانسوبهاكيج، رئيس شؤون الاستثمار لدى «مؤسسة حكومة سنغافورة للاستثمار» ـ «جي آي سي» (GIC)، أن 2024 سيكون عاما مليئا بالمخاطر، بداية من ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، بما يؤثر على الأوضاع المالية للشركات، إلى المشكلات الجيوسياسية، وحتى الذكاء الاصطناعي الذي يضطر الشركات إلى إجراء تعديلات مكلفة. يؤدي ذلك إلى زيادة فرص توفير القروض الجاهزة للشركات التي تحتاج إلى رأس المال.
وأوضح أن «ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة إتاحة الائتمان يجعلان توظيف رأس المال في توفير الائتمان الخاص مجالا يستحق الاهتمام»، مؤكدا أهمية التحوط ضد التضخم من خلال الأصول الحقيقية. وتابع: «في قطاع العقارات، تظل المؤشرات الأساسية قوية في مجالات الخدمات اللوجستية وسكن الطلاب والضيافة».
وفي ظل استمرار ارتفاع مخاطر تغير المناخ، تبحث المؤسسة التي تعد صندوق الثروة السيادي السنغافوري عن استثمارات تسهم في التحول الطاقي.
ويعتقد سيزار بيريز رويز، رئيس شؤون إدارة الثروة والاستثمارات لدى «بيكتيت ويلث مانيجمنت» (Pictet Wealth Management)، أن استقلال الطاقة وجهود مكافحة تغير المناخ توفر فرصا كبيرة لعقد الصفقات. لكن ذلك لا يعادل الاستثمار في قطاعات واضحة مثل الألواح الشمسية أو السيارات الكهربائية.
وقال «رويز»: «أريد الاستثمار في الشركات المستفيدة، الشركات التي ستقوم بعملية الرقمنة وتلك التي ستستثمر في البنية التحتية»، مستشهدا بشركة «شنايدر إلكتريك» (Schneider Electric SE) كمثال على ذلك. وأضاف أنه «ستكون هناك شركات صناعية أطلق عليها (السلع الأساسية الجديدة)».
وفي ظل استمرار التقلبات التي تشهدها قطاعات العقارات والاستهلاك والتكنولوجيا في الصين، يظل «رويز» حذرا بشأن التوقعات هناك، حيث وجد أوجه تشابه كثيرة مع أزمة الإسكان الإسبانية منذ أكثر من عقد، والتي لا تزال مؤثرة حتى اليوم.
وأفاد بأنه يفضل «أسواق العالم الأخرى أولا»، مضيفا أن أوروبا واليابان تمثلان سوقين جاذبتين للاستثمار، خاصة في مجالات الترفيه والاستهلاك والروبوتات وشركات الخدمات الرقمية التي تخدم السوق المحلية. وتابع: «إذا حدث ركود اقتصادي، ستتفوق الشركات ذات رؤوس الأموال الصغيرة على نظيرتها ذات رؤوس الأموال الكبيرة لأن الجميع يختبئ في الشركات الكبيرة».
وعلى عكس العديد من أقرانه، يرى ستيفان شيلي، رئيس شؤون الاستثمار لدى «بارتنرز غروب هولدينغ» (Partners Group Holding)، نقاطا إيجابية في الصين، خاصة في مجالات مثل شركات الأدوية حيث بدأت قيم الشركات، التي ارتفعت في ذروة جائحة كوفيد، تتراجع إلى مستويات معقولة وسط سعيها لاستقطاب رأس المال اللازم للنمو.
وقال شيلي: «نحن مستثمرون عالميون، لذا لا نستبعد الصين»، مضيفا أن استعانة الخدمات الصيدلانية بمصادر خارجية، بدءا من تطوير الأدوية وصولا إلى شركات التصنيع والتعبئة، توفر فرصا، سواء في الصين أو في الأسواق الغربية».
وعلى الرغم من أن شيلي يلتزم الحذر نسبيا في سوق العقارات الإدارية، فإنه يظهر ولع «جي آي سي» بأصول شركات الخدمات اللوجستية في الميل الأخير، إضافة إلى حماس بيكتيت للشركات التي ستستفيد من انتشار الذكاء الاصطناعي والمخاوف البيئية.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.