في عصر تكثر فيه الأعباء، وتتسارع فيه الخطى، يبدو من الصعب علينا القيام بالأشياء التي نحبها بسبب ضيق الوقت، والانشغال الدائم من أجل الحصول على لقمة العيش.
فما الذي يحدث بالضبط عندما تكون رئيساً لشركة ناجحة، مثلا، وترغب في قضاء بعض الوقت بعيداً عن أجواء العمل؟ وهل يمكن لنا أن نصل إلى حياة نعمل فيها لكي نعيش، ولا نعيش فقط لكي نعمل؟ هذه الأسئلة ناقشها عدد من مستخدمي موقع “لينكدان” الشهير، وفيما يلي رأي اثنين من أبرز مستخدمي الموقع.
محمد العريان- المدير التنفيذي السابق لمؤسسة بيمكو للاستثمار
أدرك رجل الأعمال الأمريكي-المصري محمد العريان أن عمله كمدير تنفيذي لواحدة من أكبر شركات الاستثمار في العالم يستحوذ على كل وقته تقريبا، فكتب مقالا قبل عام بعنوان “اللحظة التي جعلتني أدرك أن العمل يستنزف كل وقتي”، وذكر فيه أن ابنته قدمت له قائمة بأكثر من عشرين مناسبة وموعداً مهماً لها لم يتمكن من حضورها بسبب انشغاله بالعمل.
وتراوحت تلك المواعيد بين يومها الأول في المدرسة، وأول مباراة كرة قدم لها في الدوري المحلي، واجتماع المدرسين بأولياء الأمور، واحتفالات الهلوين.
ويقول العريان: “لقد كان لدي عذر قوي للتغيب عن كل مناسبة من هذه المناسبات، كالسفر، أو اجتماع مهم، أو مكالمة تليفونية ملحة، أو أحداث أخرى غير متوقعة.”
ويقول العريان إنه أدرك أن شيئا مهما قد فاته، وهو الموازنة بين العمل والحياة.
إنها مشكلة يواجهها كثير من الآباء والأمهات العاملين، وهو ما حدا بشركة بيمكو أن تولي عناية ووقتا أكبر لذلك الأمر في الفترة الأخيرة، كما يقول العريان.
لكن ذلك أيضا لم يكن كافيا بالنسبة للوضع الشخصي للعريان، ولذا قرر أن يجري تغييرا مهنيا جذريا في حياته.
يشرح العريان ذلك بقوله: “لقد قررت مغادرة شركة بيمكو، واخترت أن أتولى منصبا لا يتطلب سفرا كثيرا، ويمنحني مرونة أكبر للتحكم في وقتي، وآمل أن أتمكن من مشاركة ابنتي تلك اللحظات التي ترسم معالم كل يوم يمر من أعمارنا.
ويضيف: “إنني سعيد جداً لأنني أعدت صياغة حياتي على هذا النحو.”
ويقول العريان: “بالطبع ليس لدى كل إنسان هذه الإمكانية، ولكن يحدونا الأمل في أن يتمكن الناس من التركيز على ما هو مهم بالنسبة لهم، خصوصاً مع مراعاة الشركات لأهمية التوازن بين العمل ومتطلبات الحياة.”
جيمز كان – المدير التنفيذي لمجموعة هاملتون برادشو
يقول جيمز كان في مقال له على موقع “لينكد إن” تحت عنوان “نعمل لنعيش أم نعيش لنعمل؟” إن السنوات الأخيرة شهدت نقاشا واسعا حول ضرورة الموزانة بين العمل والحياة.
ويضيف: “نحن نمر اليوم بأطول فترة كساد اقتصادي كبير في ذاكرتنا الحية، وهو ما يعني أن مكان العمل أصبح أكثر منافسة مما كان عليه الوضع سابقا.”
ويتابع: “يتعين الآن على كل شخص أن يبذل جهدا كبيرا ليثبت التزامه في العمل، وليبرر أهمية دوره في ذلك العمل.”
لكن إذا كنت تعيش لكي تعمل فقط، فما الذي سيحدث؟ وهل النتيجة هي أن حياتك فقط هي التي ستتأثر، أم أن عملك سيتأثر أيضاً؟
يقول السيد كان: “لا يستطيع أحد أن يعمر طويلاً إذا كان مهووساً بالعمل لدرجة أن يستحوذ العمل على كل وقته. هذا الهوس بالعمل يؤدي إلى مضاعفة مستوىات الضغط والتوتر، مما يفضي في النهاية إلى نتائج عكسية تؤثر سلباً على العمل ذاته.”
وينصح كان بأن يراجع كل شخص نفسه، ويفكر فيما أنجزه، وإلى أين وصل في حياته المهنية، وكيف يوازن بين التزامات العمل ومتطلبات الحياة الأخرى.
ومن موقعه كمدير تنفيذي، يريد السيد كان من موظفيه أن يبذلوا قصارى جهدهم في العمل، لكن من المهم في الوقت ذاته أن يكون في حياتهم شيء آخر يهتمون به غير العمل.
وبحسب رأيه، تتمثل أهم عوامل التوازن بين العمل والحياة في الطريقة التي تنظر بها إلى عملك، وما إذا كنت تراه مصدرا للمتعة، أم عبئا على كاهلك.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.