الإصلاحات والتنمية فى مصر


يمر الاقتصاد العالمى بفترة مليئة بالتحديات والتحولات الكبيرة، وذلك فى ظل سعى الدول لإنشاء مسارات تنموية مرنة ومستدامة. وشرعت مصر فى هذا الإطار بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والمبادرات الاستراتيجية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلى وتحفيز النمو الذى يقوده القطاع الخاص.
إحدى الخطوات الهامة مؤخراً، هو توصل السلطات المصرية وصندوق النقد الدولى إلى اتفاق لزيادة تسهيلات الصندوق من حوالى 3 مليارات دولار إلى حوالى 8 مليارات دولار. ستضغط هذه المخصصات اتجاه ترسيخ التزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية الشاملة، بما فى ذلك اعتماد سعر صرف أكثر مرونة، وتشديد السياسات النقدية والمالية، وخفض الإنفاق على البنية التحتية لمكافحة التضخم والحفاظ على القدرة على تحمل الديون مع تهيئة بيئة مواتية لنشاط القطاع الخاص.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والقضايا الهيكلية المحلية، بذلت مصر جهوداً لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية من خلال السماح لعملتها بالانخفاض بشكل كبير منذ مارس 2022، ورفع أسعار الفائدة، وإدخال تدابير التخفيف الاجتماعى لدعم الشرائح الضعيفة من سكانها.
عامةً، المشهد الاقتصادى فى مصر لا زال يعتريه الكثير من التعقيدات، ويتسم بتحديات طويلة الأمد مثل عبء الديون الخارجية الثقيل، وتقلبات سعر العملة، والدور الكبير الذى تلعبه مؤسسات الدولة فى الاقتصاد، وهو كما يصفه أصحاب الرأى، الحلقة التى تثنى الاستثمار وتقوض المنافسة. 
وتماشياً مع إطار الشراكة القُطرية الجديد للبنك الدولى لمصر للسنوات المالية 2023-2027، تهدف الاستراتيجية إلى مساندة أجندة التنمية فى مصر من خلال ثلاث نتائج رئيسية، والتى تتمحور حول تعزيز فرص العمل فى القطاع الخاص، وتحسين نتائج رأس المال البشرى، وزيادة القدرة على الصمود فى مواجهة التحديات والصدمات الاقتصادية. وتشمل هذه الاستراتيجية الشاملة تحسين البيئة التمكينية للاستثمارات الخاصة، وتطوير جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وتدعيم إدارة الاقتصاد الكلى وتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ.
بالنسبة لصانعى السياسات، فإنه من الضرورى مواصلة وتعميق الإصلاحات الهيكلية لتعزيز بيئة الأعمال وتشجيع المنافسة والحد من هيمنة الدولة على الاقتصاد، إلى جانب تعزيز الحوكمة والشفافية، لا سيما فيما يتعلق بالمؤسسات المملوكة للدولة، لبناء ثقة المستثمرين وتعزيز تكافؤ الفرص لمشاركة القطاع الخاص. كما أنه من الضرورى إعطاء الأولوية للميزانيات الاستثمارية فى رأس المال البشرى، بما فى ذلك الصحة والتعليم، لدعم النمو الاقتصادى والتماسك الاجتماعى على المدى الطويل. ويجب أن تتزامن هذه المحاور مع توسيع برامج شبكات الأمان الاجتماعى لحماية الفئات السكانية الأكثر ضعفا من الآثار المباشرة للتعديلات الاقتصادية والصدمات الاقتصادية العالمية.
نجاح الخطط سوف يتوقف على قدرة البلاد على مواجهة التحديات المباشرة، وتحرير اقتصادها، وتسخير إمكانات الشباب والتقدم التكنولوجى. الرحلة المقبلة وإن كانت مليئة بالتحديات، إلا أنها تأتى بالعديد من الفرص لدولة على أعتاب إعادة تعريف دورها على ساحة الاقتصاد العالمى.

 




اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading