أجابت دار الإفتاء المصرية حول سؤال قد ورد إليها: هل هناك فرق بين الإسلام والإيمان ؟ في فتوى تحمل رقم “8098” قائلة: الإيمان في لغة العرب هو التصديق مطلقًا، ومن هذا القبيل قول الله سبحانه حكاية عن إخوة يوسف عليه السلام: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: 17]، أي: ما أنت بمصدق لنا فيما حدثناك به عن يوسف والذئب، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف الإيمان: «أن تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» رواه الترمذي وابن ماجه في “سننيهما”، ومعناه: التصديق القلبي بكل ذلك وبغيره مما وجب الإيمان به.
والإيمان في الشرع: هو التصديق بالله ورسله وبكتبه وبملائكته وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر؛ قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ [البقرة: 258]، وهكذا توالت آيات الله في كتابه وبيان ما يلزم به، والإيمان بهذا تصديق قلبي بما وجب الإيمان به، وهو عقيدة تملأ النفس بمعرفة الله وطاعته في دينه، ويؤيد هذا دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» “سنن ابن ماجه”، وقوله لأسامة رضي الله عنه -وقد قَتَلَ من قال: “لا إله إلا الله”-: «هَلَّا شَقَقْتَ قَلبَهُ؟» “مصنف ابن أبي شيبة”، وإذا ثبت أن الإيمان عمل القلب وجب أن يكون عبارة عن التصديق الذي من ضرورته المعرفة؛ ذلك لأن الله إنما يخاطبُ العربَ بلغتهم ليفهموا ما هو المقصود بالخطاب، فلو كان لفظ الإيمان في الشرع مغيَّرا عن وضع اللغة لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما بيَّن أن معنى الزكاة والصلاة غير ما هو معروف في أصل اللغة، بل كان بيان معنى الإيمان إذا غاير اللغة أولى.
وأما عن بيان حقيقة الإسلام: فالإسلام: يقال في اللغة: أسلم: دخل في دين الإسلام، وفي الشرع كما جاء في الحديث الشريف: «الإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» “مسند أحمد”.
وبهذا يظهر أن الإسلام هو العمل بالقيام بفرائض الله من النطق بالشهادتين وأداء الفروض والانتهاء عما حرم الله سبحانه ورسوله، فالإيمان تصديق قلبي، فمن أنكر وجحد شيئًا مما وجب الإيمان به فهو كافر؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 136]. أما الإسلام فهو العمل والقول، عمل الجوارح ونطق باللسان، ويدل على المغايرة بينهما قول الله سبحانه: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]. والحديث الشريف في حوار جبريل عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإيمان والإسلام يوضح مدلول كل منهما شرعًا على ما سبق التنويه عنه في تعريف كل منهما، وهما مع هذا متلازمان؛ لأن الإسلام مظهر الإيمان. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.