يعتريني في كثير من الأوقات وربما كثيرين غيري ممن هم في عمري، هذا الإحساس الذي يتطرق كثيرًا إلي مشاعري، ويشدني إلي الكتابه عنه، (الحنين إلي الماضي)، أحداثًا، وتاريخًا، بل وإيضًا جغرافيًا
ولعل هذا الأحساس الذي يشمل تفسيره الأحداث، والتي نطلق عليها في بعض الأحيان بأحداث الزمن الجميل، ” فنًا وأدبًا وسلوك إجتماعي، أما التاريخ فهو ما يجعلنا نتعرض فيه إلي ما كان يحدث في الشارع المصري والحاره المصرية أمام أزمات عامة تمر بها بلادنا، أو أفراح يعيشها شعب مصر أثر، نجاحنا في تحقيق أهداف سعينا إليها من خلال مشروعات سياسية تبناها قادة الثورة المصرية وعلي رأسهم الراحل ” جمال عبد الناصر ” مثل تحرير الوطن من الإستعمار أو مشروع الإصلاح الزراعي أو بنائنا لمشروع السد العالي ( مشروع القرن ) أو مجانية التعليم التي سمحت لعامة شعب مصر بإلحاق أبنائه بمراحل التعليم المتوسط والعالي، والتي كانت من الصعوبة بمكان علي طبقات الشعب المحدودة الدخل تعليم أبنائها، لصعوبة تدبير مصروفات الدراسة.
ولعل التاريخ أيضًا، يذكرنا بأن أغلبية شعب مصر في هذه الحقبات من الزمن أواخر الأربعينيات والخمسينيات، كان ( الفقر والجهل والمرض ) هي السمات الثلاث التي قامت الثورة للقضاء عليهم، فغالبية المصريون يسيرون ( حفاه ) في الشارع، وهذا كان من المناظر المعتادة والطبيعية أن تجد أطفالًا بل رجالًا ونساء دون أحذية، في الشارع المصري، وكان أيضًا من المتسولون من يجمع ( سبارس ) أي (أعقاب السجائر) الملقاه في الشارع لكي يستخلصوا من تلك البقايا التباك ( الدخان ) لإعادة لفها وإعادة تدخينها، هذه بعض الملامح للفقر الذي كان يعتري المجتمع، وأيضًا في الجغرافيا، الحنين إلي شوارع وحوارى القاهرة فكنت أحد سكان (منيل الروضة )، منذ عام 1948، حيث إنتقلت أسرتي من حي السيدة زينب ( حيث ولدتُ ) !!للإقامة في شارع الغمراوي، وهو الشارع الشهير بالسوق المركزي لجزيرة منيل الروضة في هذا الوقت وربما حتي اليوم !!
وكانت جزيرة منيل الروضه تتميز بقلة سكانها، حيث يقع مستشفي القصر العيني علي رأس الجزيرة ” وقصر الأمير محمد علي “، وكانت المنطقة المكدسه بالسكان والمعروفة بالمنيل القديم، ثم محطة الهلباوي، ومحطة الغمراوي ومحطة الباشا، ويقسم الجزيرة شارع منيل الروضة، وكان ” بحي المنيل ” أربعة دور سينما صيفي شهيرة ( سينما جرين )، و ( سينما الروضة ) في شارع المنيل متواجهين، يلجأ إليها الشباب والسكان وربما إشتهرت (سينما الروضة ) بحادثة شهيرة، حينما أشيع عن أن المقدم ” محمد أنور السادات ” إصطحب زوجته السيده ” جيهان السادات ” (وهم من سكان الروضة إلي سينما الروضة ليلة قيام ثورة 23 يوليو، وتشاجر مع أحد المشاهدين، لكي يثبت وجوده في دار السينما، لو قدر الله وفشلت الحركة !!هكذا قيل أو أشيع عن الرجل !!
وإيضًا سينما ” الجزيره “، حيث تقع علي ضفاف نهر النيل في شارع ” عبد العزيز أل سعود “، أما السينما الأخيرة هي سينما “ميراندا” والمشهورة الأن بإسم ” فاتن حمامه “، وهي سينما مغطاه، كانت هي ملجأ الشباب والأطفال وخاصة في الحفلات النهاريه،للهاربين من حضور الدروس في مدارسهم أو من الجامعه،هذه المنطقة جغرافيًا، كانت تضم الطبقة الوسطي في مصر، وإيضًا طبقات محدودة الدخل،
حيث كان تنتشر فيها ( جزيرة منيل الروضة ) الأراضي الزراعية، وترتبط بالجيزة، بكوبري ” عباس ” الشهير بكوبري الجيزة والذي له تاريخ سياسي، حيث فتحه القلم السياسي سنة 1936، في حكومة ( صدقي باشا) علي شباب جامعة القاهرة المتظاهر بالمطالب بعودة ” دستور 1923 “.
ويعود الحنين إلى شارع المنيل وكل النواصي التي كنا نقف مجموعات من الشباب فيها،حيث كنا نتمركز كمجموعتين إحداهما تفضل محطة الغمراوي أمام (عصير قصب منصور) وأخرين يفضلوا الناحية الأخري من الشارع عند(عصير قصب جرجس ) !!، وليس العملية مرتبطة بديانة كل من صاحب المحل، ولكن هكذا كانت !!
وهكذا الحنين إلي الماضي في بعض صوره أضعها أمامي وأمامكم لعل وعسي نتذكر شيئًا جميلًا في هذا الزمن… !!
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.