تعرض سوق الأسهم الأميركية لخسائر ملحوظة في شهر أغسطس الماضي، مع حالة من عدم اليقين بشأن الاقتصاد والسياسة النقدية في الولايات المتحدة، ويترقب المستثمرون تداولات شهر سبتمبر بنوع من القلق، خاصة مع الأداء السلبي للأسهم الأميركية في هذا الشهر تاريخيا.
وشهد سوق الأسهم الأميركية مكاسب ملحوظة هذا العام، بدعم قوة الاقتصاد وتباطؤ التضخم والتوقعات بشأن قرب نهاية دورة التشديد النقدي، لكن شهر أغسطس الماضي شهد توقف موجة الصعود، مع صدور بيانات اقتصادية قوية قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي لإبقاء معدلات الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول من المتوقع.
وفقد مؤشر «داو جونز» نحو 2.4% من قيمته في شهر أغسطس الماضي، كما انخفض مؤشرا «إس آند بي 500» و«ناسداك» بنسبة 1.8% و2.2% على الترتيب، وشهد مؤشر «إس آند بي 500» في أغسطس الماضي أكبر وتيرة هبوط شهري منذ فبراير، كما تعرض «ناسداك» لأسوأ أداء شهري منذ بداية هذا العام.
وتأثرت الأسهم الأميركية سلبا في أغسطس بارتفاع مضاعفات الربحية بشكل سريع وصعود عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، ما يشير إلى أن معدلات التضخم والفائدة ستظل أعلى لفترة أطول، وأثار هبوط الأسهم الأميركية في أغسطس مخاوف المستثمرين حيال آفاق الأداء خلال ما تبقى من العام الحالي.
ماذا يقول التاريخ؟
تاريخيا، يعتبر سبتمبر الشهر الأسوأ من حيث الأداء لمؤشرات الأسهم الأميركية، فمنذ عام 1945، حقق مؤشر «إس آند بي 500» متوسط عائد شهري يبلغ -0.73% في سبتمبر، وهو الأداء الشهري الأسوأ في العام.
وكان سبتمبر الشهر الوحيد الذي شهد تراجعا لمؤشر «إس آند بي 500» بشكل متكرر أكثر من ارتفاعه، مع معدل صعود يبلغ 44% فحسب، ويمثل سبتمبر أيضا الشهر الوحيد الذي شهد متوسط عائد سالبا لمؤشر «ناسداك» المركب الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا منذ عام 1971.
وفي آخر خمس سنوات، انخفض مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 3.2% في المتوسط، ليتراجع في آخر ثلاث سنوات على التوالي، وكان سبتمبر 2022 أحد أسوأ الأشهر في التاريخ الحديث من حيث الأداء لسوق الأسهم الأميركية، حيث انخفض «إس آند بي 500» بنحو 9.3%، في أسوأ هبوط في الشهر نفسه منذ عام 1974.
هل يستمر التراجع؟
تدخل الأسواق الأميركية شهر سبتمبر وسط حالة من عدم اليقين المرتبطة بالتطورات الاقتصادية وآفاق السياسة النقدية، وقال ريتشارد سابيرستين رئيس الاستثمار في «تريجيري بارتنرز» إن تقلبات سوق الأسهم المسجلة طوال أغسطس لم تنته بعد.
ويتوقع سابيرستين استمرار تقلبات السوق في سبتمبر، مع تسعير تباطؤ النشاط الاقتصادي الناجم عن التأثير المتأخر لرفع معدلات الفائدة سابقا من قبل الاحتياطي الفيدرالي، كما يرى ريان ديتريك كبير استراتيجيي السوق في «كارسون جروب» أن حدوث بعض الهبوط في شهر سبتمبر يعتبر «أمرا منطقيا».
وقال ديتريك إن سوق الأسهم الأميركي لن يشهد خسائر حادة في سبتمبر، لكنه قد يتعرض لبعض الهبوط مع تراجع «صحي» لأسهم الذكاء الاصطناعي التي شهدت مكاسب قوية هذا العام، وتضاف هذه المخاطر إلى الأداء التاريخي المثير للقلق لسوق الأسهم الأميركية في شهر سبتمبر.
وذكر سام ستوفال كبير استراتيجي الاستثمار في «سي إف آر ريسيرش» أنه بسبب السجل السلبي لشهر سبتمبر، فإنه يتم تذكير المستثمرين بالاستعداد لاحتمالية تحقيق نتائج مخيبة للآمال لكل من مؤشري «ناسداك» و«إس آند بي 500» في الشهر الجاري.
عوامل مثيرة للتفاؤل
ورغم الهبوط المسجل في إجمالي شهر أغسطس الماضي، فإن سوق الأسهم الأميركية تحول للتعافي في الأسبوع الأخير، وتتصاعد الآمال بشأن توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع معدلات الفائدة، بعد بيانات في الأسبوع الماضي أظهرت تباطؤ سوق العمل وارتفاع معدل البطالة.
وتشير توقعات أداة «فيد واتش» إلى أن الفيدرالي لن يرفع معدلات الفائدة في الاجتماعات الثلاث المتبقية هذا العام، لتبقى عند النطاق الحالي بين 5.25% و5.5%، وعلى جانب مواز، جاءت نتائج أعمال الشركات الأميركية أفضل من التقديرات السابقة في الربع الثاني من العام الحالي.
وتشير تقديرات «ريفينيتيف» إلى أن أرباح شركات «إس آند بي 500» تراجعت بنحو 2.9% في الربع الثاني، ما يمثل تحسنا كبيرا مقارنة بالتقديرات الأولية بهبوط 7.9%، ورفع محللون توقعاتهم لأرباح الشركات في مؤشر «إس آند بي 500» في الربع الثالث من العام الحالي، في أول زيادة منذ نفس الفترة من عام 2021.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.