على عكس المعتاد لماذا ترتفع أسعار الأسهم


تمر جميع فئات الأصول المالية العالمية بفترة إيجابية في الوقت الحالي، مع صعود ملحوظ متزامن غير معتاد، وتبدو التوقعات حيال آفاق السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى وراء الارتفاعات القوية للأصول المالية المتباينة مؤخرا، وسط توقعات متفائلة حيال أداء فئات الأصول المختلفة في العام المقبل.

وقد شهدت الأصول الآمنة بقيادة الذهب والسندات الحكومية صعودا قويا في الفترة الأخيرة، مع تدافع المستثمرين لحيازتها وسط التكهنات بشأن مسار السياسة النقدية، إذ ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في التاريخ خلال تعاملات الإثنين الماضي، لتتجاوز العقود الآجلة للمعدن تسليم شهر فبراير مستوى 2150 دولارا للأوقية.

وتنازلت أسعار الذهب عن كل مكاسبها لاحقا لتتحول للهبوط بنحو 2.2% عند 2042 دولارا للأوقية عند تسوية تعاملات الإثنين الماضي، لكنها لاتزال مرتفعة بنحو 12% منذ بداية هذا العام، وحقق المعدن النفيس ارتفاعا خلال الشهرين الماضيين، مع تدافع المستثمرين لحيازة الأصول الآمنة بفعل الصراع في الشرق الأوسط وتوقعات خفض معدلات الفائدة.

ويرى محللون أن الذهب سيواصل تسجيل مستويات قياسية في العام المقبل، مع الحفاظ على حاجز الـ 2000 دولار للأوقية، مستفيدا من ضعف الدولار والمخاوف الجيوسياسية واحتمالات خفض معدلات الفائدة عالميا.

وعلى جانب مواز، سجلت سندات الخزانة الأميركية في نوفمبر أفضل أداء شهري منذ 40 عاما، حيث ارتفعت السندات لأجل 10 سنوات، ليتراجع العائد على هذه الديون إلى 4.29%، منخفضا بنحو 0.65% على مدى نوفمبر، وعلى الصعيد العالمي، ارتفع مؤشر بلومبيرغ للسندات السيادية وتلك الخاصة بالشركات 4.9% في نوفمبر، وهو أفضل أداء شهري منذ ديسمبر 2008.

مكاسب الأصول الخطرة

ولم يكن الصعود مقتصرا على الملاذات الآمنة فحسب، لكنه شمل أيضا الأصول الخطرة والتي تتضمن الأسهم والعملات المشفرة، وارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بنهاية الأسبوع الماضي لأعلى مستوى في العام الحالي، لتسجل خمسة أسابيع متتالية من المكاسب.

وسجل مؤشر «داو جونز» الصناعي للأسهم الأميركية أطول موجة مكاسب أسبوعية منذ عام 2021، مرتفعا بنحو 9% منذ بداية العام الحالي، كما ارتفع مؤشر «ناسداك» الذي يغلب عليه أسهم التكنولوجيا بنحو 35% منذ بداية عام 2023.

وجاءت مكاسب سوق الأسهم الأميركية بدعم توقعات خفض الفائدة الأميركية في وقت مبكر من العام المقبل، رغم تصريحات مسؤولي الفيدرالي المتشككة بشأن هذا التحول، كما شهدت أسواق الأسهم الأوروبية واليابانية ارتفاعات ملحوظة أيضا، حيث صعد مؤشرا «ستوكس 600» الأوروبي و«نيكي» الياباني بنحو 5% و3% على الترتيب في الشهر الأخير.

وعلى جانب مواز، كان لسوق العملات المشفرة نصيب كبير من ارتفاعات الأصول المالية في الفترة الأخيرة، مع تباين وجهات النظر بشأن ما إذا كان يمكن اعتبارها ملاذات آمنة رقمية أو أصولا تتسم بالخطورة الكبيرة وأداة للمضاربات، وارتفع سعر البيتكوين أعلى 42 ألف دولار لفترة وجيزة يوم الإثنين الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ أبريل 2022.

وتتداول البيتكوين حاليا أعلى بنحو 150% من مستوياتها في بداية العام الحالي، لتتجه لأفضل أداء سنوي منذ 2020، حيث استفادت العملة المشفرة الأكبر من حيث القيمة السوقية من احتمالات خفض الفائدة الأميركية والتكهنات بشأن قرب موافقة لجنة البورصات الأميركية على أول صندوق استثمار متداول فوري للبيتكوين.

لماذا يرتفع كل شيء؟

تقود التوقعات بشأن تحول السياسة النقدية للبنوك المركزية الكبرى إلى النهج التيسيري المكاسب الملحوظة لكل الأصول المالية في الفترة الأخيرة، وقد رفع الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة من مستوى قرب الصفر في مارس 2022 إلى نطاق 5.25% و5.5% حاليا.

لكن الأسواق تسعر أن دورة التشديد النقدي انتهت بالفعل، مع احتمالية للتحول لخفض الفائدة الأميركية قبل منتصف العام المقبل، وتشير أداة «فيد واتش» إلى احتمالية تقارب 99% لتثبيت الفائدة في اجتماع الفيدرالي يوم الثالث عشر من ديسمبر الجاري.

كما تعتقد الأسواق أن خفض الفائدة الأميركية قد يحدث في مارس المقبل باحتمالية تتجاوز 56%، ترتفع إلى نحو 80% بحلول مايو 2024، ودفعت توقعات قرب خفض الفائدة الأميركية الدولار وعوائد سندات الخزانة للهبوط، ما قدم الدعم الكافي لأسواق الأسهم والذهب وحتى العملات المشفرة لتسجيل مكاسب قوية مؤخرا.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تسعر الأسواق احتمالية اتجاه المركزي الأوروبي لخفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أبريل المقبل، وقال «إد الحسيني» الاستراتيجي في «كولومبيا ثريدنيدل إنفيسمنت» إن هناك القليل من «الخوف من فقدان الفرصة» في الأسواق المالية حاليا مع الهبوط المفاجئ لعائد سندات الخزانة الأميركية من مستويات 5%.

هل يستمر الصعود؟

تميل توقعات المحللين للتفاؤل حيال مسار معظم الأصول المالية خلال العام المقبل، بدعم آفاق السياسة النقدية، ويرى بنك «يو بي إس» أن سندات الخزانة الأميركية ستواصل الارتفاع في العام المقبل، ليتراجع العائد على الديون لأجل 10 سنوات إلى 3.5% بحلول نهاية 2024.

وتوقع بنك «دويتشه بنك» وصول مؤشر «إس آند بي 500» لمستوى قياسي جديد في العام المقبل عند 5100 نقطة، بينما يرى «سيتي بنك» أن المؤشر قد يسجل 5000 نقطة بحلول منتصف 2024.

وقد شملت التوقعات المتفائلة الذهب أيضا، حيث قال «هينغ كون هاو» رئيس استراتيجية السوق في «يو أو بي» إن التراجع المتوقع للدولار الأميركي ومعدلات الفائدة في العام المقبل هو المحرك الرئيسي الإيجابي للذهب، متوقعا الوصول لمستوى 2200 دولار للأوقية بنهاية 2024.

ويتوقع «بارت ميليك» رئيس استراتيجيات السلع في «تي دي سيكيوريتيز» أن يبلغ متوسط سعر الذهب 2100 دولار للأوقية في الربع الثاني من العام المقبل، بدعم استمرار مشتريات البنوك المركزية للمعدن.


اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading