تبذل كل ما في وسعك وتعمل بشكل متواصل وبكل جد وتتجاوز ما هو مطلوب منك لدرجة تجعلك تتخلى عن علاقتك بأصدقائك وأنشطتك بل حتى تحرم أحيانا من تناول الطعام، في سبيل إنجاز ما تصبو اليه من أهداف، وتكون بذلك مثالا للشخص المتفوق في عمله تسعى لتقديم أفضل ما عندك وتكتسب اهتمام وتقدير المديرين.
وبالرغم من كل ذلك، فإنك لا تحصل على ترقية في وظيفتك، فما السبب يا ترى؟
يقول عدد من المتخصصين البارزين على موقع “لنكد ان” LinkedIn الاجتماعي المتخصص في الأعمال، والذين ناقشوا موضوع الكمال والإنجاز في العمل، إن بذل الجهد الكبير في العمل قد يفضي إلى نتائج سلبية للغاية.
نستعرض فميا يلي رأي اثنين من هؤلاء المتخصصين حول هذه القضية.
المتفوقون يعملون بلا هوادة
كتب سوندار في تعليق له بعنوان: لماذا لا يمنح المديرون ترقية لموظفيهم المتفوقين؟
وتساءل “هل أنت متفوق مجتهد في عملك؟ قد تكون محبطاً بسبب عدم حدوث أي تقدم في وظيفتك. فالمتفوقون يعملون ساعات طويلة، ينجزون كم هائل من متطلبات العمل، لكن لا أحد يكافئهم. والسبب؟ هو أنه يتعين عليهم أن يكونوا متميزين في أداء مهامهم وليسوا متفوقين في كم العمل الذي ينجزونه”.
ويقول “قد لا يخطر ببال أحدنا أن هناك فرقاً بين الأمرين. المتميزون في أداء مهام عملهم يعرفون متى يجب عليهم الانتظار، ومتى يبذلون جهدا بأقصى طاقتهم ومتى يغيرون مسارهم. ويمكنهم أن يساعدوا الشركة على تحقيق إنجاز بطرق عديدة والتحرك في مسارات غير نمطية”.
ويضيف “لكن المتفوقين في العمل بطبيعتهم موظفون يعملون بلا هوادة. إنهم يعملون على إنجاز مهمات محددة بسرعة فائقة ضمن القواعد المحددة لهم. وهم يركزون على إنجاز أكبر كمية ممكنة من العمل بطريقة تسلسلية حتى إنجاز جميع المهمات”.
ويستطر، لأن كلاهما لديه القدرة على تحقيق نتائج على المدى القصير، لكن الفرق الجوهري بينهما يكمن في قيمة هذه النتائج وطول أمدها”.
نادرا ما يعرف الأشخاص الذين ولدوا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي هذا الفرق، بحسب سوندار. فهؤلاء على استعداد لأداء عمل مضاعف عشر مرات ما هو مطلوب منهم مقابل الحصول على الترقية، ويشعرون بالإحباط عندما لا يكافئون بالترقية إلى منصب إداري أو استراتيجي أعلى. أما التميز في الأداء فهو مهمة صعبة لهؤلاء لأنهم ينتمون الى جيل اعتاد أن يبحث عن تحقيق نتائج سريعة والحصول على تقدير الآخرين لها”.
ويرى سوندار أنه بالرغم من ذلك، فإن المديرين باستطاعتهم صقل الموظف صاحب الأداء المتميز، حتى من بين المتفوقين.
ويسرد سوندار بعض النصائح عن كيفية صقل المتميزين في أدائهم:
مراجعة الأهداف السابقة:
عليك تحديد أهدافهم في ضوء المقارنة بين كمية الإنجاز ونوعية الإنجاز الخاصة بمهام العمل، وبهذا تساعدهم على تقييم طريقة عملهم السابقة وبالتالي يمكنهم أن يحددوا” الوسيلة المثلى للمضي قدماً.
حدد أهدافاً استراتيجية:
يركز المتفوقون، الذين يحرصون على إنجاز كميات كبيرة من العمل، على تحقيق هدف واحد فقط ويكرسون جهدهم له، لذا فإن الهدف الذي ينبغي أن يسعون إليه هو التخطيط (الجيد) وليس التنفيذ (لمزيد من الأعمال)”.
أدريان غونزاليز، رئيس أديلانتي اس سي ام، ومؤسس “توكينغ لوجستكس”Talking Logistics
“كان شعار لكزس من بين الشعارت التجارية المفضلة لدي لفترة طويلة، وهو السعي الحثيث وراء الكمال”، بحسب تعليق لغونزاليزعلى موقع لنكد ان بعنوان: لا تخلط بين الكمال والتميز. وتابع يقول: “كلمة حثيث توحي بالالتزام والحماس، فاذا أردت أن ترفع من مستوى أدائك، فلماذا لا يكون الكمال هو الغاية؟”.
بيد أن غونزاليز واجه سؤالا حول إذا كان إدراك الكمال غاية في حد ذاته على المستوى الشخصي حينما كان يلعب نجله البيسبول. ويقول في هذا الصدد: “اذا كان الكمال هو غايتك، فإنك إذن ستصاب دائما بخيبة أمل، خاصة في لعبة البيسبول، حيث يعتبر الاخفاق 7 مرات من مجموع 10 نجاحاً باهراً”.
لماذا لا يسعى المرء للكمال؟
“لأن السعي لتحقيق الكمال خاصة بصورة حثيثة يمكن أن يجعلك تنظر الى أي شيء غير مثالي على أنه إخفاق وفشل. وهذا ليس فقط مقياساً غير صحيح، ولكنه يجعلك لا تلتفت إلى ما أنجزته ويحرمك بالتالي من الاستمتاع بتلك الإنجازات ومن أن تقدرها حق قدرها”، بحسب غونزاليز.
ويضيف غونزاليز: “السعي إلى الكمال يجعل معيار النجاح لديك عالياً جداً، بحيث أنك سترى نفسك مقصراً بغض النظر عن الجهد الكبير الذي تبذله في عملك، والوقت الذي تقضيه في إنجاز هذا العمل ، وتكون كمن يطارد السراب في الصحراء القاحلة، حيث تخور قواك ولا تصل إليه”.
وخلص غونزاليز إلى القول: “لذلك يعتبر السعي إلى التميز أفضل بكثير من السعي للكمال، ومن شأنه أن يجعل الانسان أكثر نجاحاً. والتميز دائماً لا يصل إلى مستوى الكمال، والفجوة بينهما هي ما يشكل دافعاً لنا لنطور من أدائنا، ويدفعنا الى الابتكار ويشجعنا على التواضع ويقوي ثقتنا بأنفسنا”.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.