بنوك فى الشارع



لم تشهد مصر على مدار تاريخها توحشا فى السوق السوداء للدولار مثلما تشهده الآن، بنوك بالكامل فى الشوارع غير رسمية وتديره‍ا منظومة أشبه بالبنك المركزى المصرى بدون أن يحرك لذلك جفن للحكومة، واقتحام أوكار تلك المافيا التى تلعب بمصير أمة بالكامل.

نعم الجنيه بعافية، ولكن حسب التقديرات المعتبرة فإن القيمة العادلة للجنيه فى الوقت الحالى لا تتجاوز الـ40جنيها فى مقابل الدولار، فكيف يلامس فى السوق الموازية الـ70جنيها حاليا؟

لقد تحولت السوق السوداء للدولار إلى منظومة أقوى من منظومة البنوك الرسمية نفسها وهو ما دعا رئيس شعبة التجارة بالغرف التجارية إلى إطلاق صرخة – ارحمونا أصبحنا تحت رحمة السوق الموازية – إنها مأساة حقيقية بدأت منذ سنوات وتمددت وتوحشت. البداية كانت من إصدار رخص لشركات الصرافة فى عهد مبارك، ورويدا رويدا التقطت جماعة الإخوان الغلطة الكبرى المتمثلة فى رخص خارج البنوك للإتجار فى العملة وسيطرت الجماعة على معظم تلك التراخيص والشركات، ومن خلالها عرفت كيف توجه ضربات أصعب من الإرهاب للدولة المصرية. صحيح أن البنك المركزى فيما مضى كان يتدخل لكبح جماح شركات الصرافة والحفاظ على فرق طفيف بين سعر الدولار فى البنوك وسعرها فى شركات الصرافة، ولكن مع الأزمة الأخيرة لم تعد مافيا الدولار بحاجة لمظلة من البنك المركزى ولا تراخيصه، وأنشأت سوقا موازية أخرى لا ترحم الجنيه ولا الحكومة، ولا حتى المستثمرين.

الدولار الآن يتم تسعيره يوميا من لهو خفى والجميع يسير وراءه.

لا أحد الآن يعنيه سعر الدولار فى البنوك ولا حتى يوجد عاقل يضع دولارته فى البنك.

الأزمة الحالية بدأت باللعب على تحويلات المصريين من الخارج وبخطة فى منتهى الخبث أصبحت دولارات المغتربين تذهپ مباشرة أو عن طريق السحب من البنوك إلى السوق السوداء التى تقول هل من مزيد؟

الموضوع بوضوح أن هناك قانونا يجرم الإتجار فى العملات الأجنبية ولا يطبق، فهل مافيا تجارة العملة أصبحت أقوى من الدولة وفوق القانون لكى تعمل بكل هذه الأريحية؟

الموضوع جد خطير وانهيار الجنيه بهذا الشكل سيدمر أصلا بلدا بالكامل أغنياءه وفقراءه. فماذا ننتظر؟ من المستفيد من الوضع الحالي؟ لم يعد هناك لا استثمار ولا إنتاج ولا شيء سوى الإتجار فى الدولار، حتى البنوك بالشهادات التى تصدرها بفائدة عالية تشجع الناس على عدم استثمار أموالهم فى مشاريع تساعد فى إنهاء الأزمة. الوضع أشبه بوضع العربة أمام الحصان وسباق عكسى بين الرسمى والموازى أو قل سباق من طرف واحد محسوم للسوق السوداء إذا استمرت الحكومة فى حالة التجاهل وقلة الحيلة الحالية.

yassershoora @gmail.com




اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading