شهد قصر ثقافة الأنفوشي، الثلاثاء، لقاء أدبيا نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، احتفاء بمسيرة الكاتب والروائي السكندري الكبير مصطفى نصر، وجاء اللقاء ضمن برنامج “العودة إلى الجذور”، في سياق خطط وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الأدب والفكر بالمحافظات الذين قدموا عطاءات مهمة في حقلي الثقافة والإبداع.
شارك باللقاء الأدباء والنقاد شوقي بدر يوسف، محمد عطية، ومحمد عباس، بحضور كل من الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والشاعر عبده الزرّاع مدير عام الثقافة العامة، وعزت عطوان مدير عام ثقافة الإسكندرية، ولفيف من المثقفين والمبدعين.
بدأت الفعاليات بكلمة للشاعر جابر بسيوني الذي أدار اللقاء مرحبا بالسادة الحضور، وقدّم خلالها نبذة مختصرة لسيرة المحتفى به ابن منطقة “غربال” بمحافظة الإسكندرية، وأهم أعماله الأدبية التي تم تحويلها إلى أعمال درامية وسينمائية، وكذلك الجوائز التي حصل عليها خلال مسيرته الأدبية من أهمها الجائزة الأولى في مسابقة نادي القصة بالقاهرة عن رواية “الجهيني”، جائزة نادي القصة بالقاهرة عن مجموعته القصصية “وجوه”، وجائزة التميز من اتحاد كتاب مصر، هذا بالإضافة إلى تكريمه بملتقى الشارقة للتكريم الثقافي في مصر.
واستهل الشاعر مسعود شومان حديثه قائلا: حينما نكرم كاتبا كبيرا.. فإننا نكرم أنفسنا ونكرم هيئة قصور الثقافة، ونكّرم الإسكندرية بكبار كتّابها.
مشيرا إلى أن التكريم يأتي كمحاولة لرد بعض حقوق هذا الكاتب الكبير، ولكشف أسرار أعماله الأدبية التي لا تقل قيمة عن أعمال كبار الساردين المصريين، مشيرا لعدد رواياته ومجموعاتها. القصصية التى رصد الهامش الثقافي والسياسي والاجتماعي لمدينة الثغر.
واختتم “شومان” كلمته موجها التحية للأديب الكبير، على وعد أن تتوالى التكريمات بالإسكندرية لأنها بالفعل تستحق.
من ناحيته أعرب الشاعر عبده الزرّاع عن سعادته للمشاركة في ذلك العُرس الأدبي المقام احتفاء بالقامة المرموقة، التي أثرت العمل الثقافي والأدبي في مصر والعالم العربي.
كما أثنى “الزراع” على تواجد “نصر” بالإسكندرية وعدم نزوحه عنها مثلما فعل الكثير من الكتّاب بحثا عن الشهرة والأضواء.
واختتم حديثه موضحا الإسهامات الأدبية التي قدمها “نصر” لمجلة “قطر الندى” وأحدثت نقلة نوعية في مجال الكتابة للطفل خلال فترة منتصف التسعينيات.
وخلال اللقاء استعرض الناقد شوقي بدر مواقف الصداقة التي جمعته بالأديب الكبير منذ أكثر من 40 عاما، واللحظات اللاتي عاشاها معا ومن أبرزها التوجه يوميا إلى شارع النبي دانيال لاقتناء الكتب، وأيضا مناقشة رواية “الجهيني” بمنزل الشاعر أحمد شوقي المطل على النيل.
كما تحدث بالنقد والتحليل عن أبرز الروايات التي قدمها “نصر” منها شارع ألبير، الشركاء، جبل ناعسة، سينما الدورادو، إسكندرية 67، المساليب، وثلاثية يهود الإسكندرية، دفء الماريا، والستات.
واستكمل “بدر” حديثه بذكر الكتّاب والأكاديميين الذين تناولوا الأدب القصصي لنصر من أبرزهم د.سعيد الورقي ، د.عبد العزيز شرف، جلال العشري، محمد عطية محمود، محمد السيد عيد وغيرهم الكثيرين.
وفي كلمته توجّه الأديب محمد عباس بالشكر لهيئة قصور الثقافة لإقامة ذلك اللقاء الحافل، كما توجه بالتحية للأديب الكبير الذي يعتبره بمثابة أخ وصديق قبل أن يكون زميلا بالعمل الثقافي.
وقدّم “عباس” دراسة مقارنة بين أعمال نصر والكاتب العالمي نجيب محفوظ، موضحا أن الأول اهتم في كتاباته باستعراض حياة المواطن السكندري وخصوصا بمنطقة “غربال” التي نشأ بها ووصف ما بها بالتفصيل، بينما ركزت إبداعات محفوظ على حي الجمالية بالقاهرة، مضيفا أن الإبداع هو أن تقدم أكثر من عمل مختلف تدور أحداثه في مكان واحد وبيئة واحدة، وهذا ما قام به نصر بالفعل فهو يستحق لقب “كاتب” كونه استطاع أن يعبر عن الواقع السكندري والشخصية السكندرية ذات الجذور الجنوبية بأسلوب أدبي بسيط.
أما الكاتب محمد عطية تحدث عن أعمال “نصر” الأدبية التي تعلم منها الكثير وساهمت في تشكيل ثقافته النقدية ومنها المجموعة القصصية “وجوه” التي تعد من أكثر الأعمال التي تأثر بها وكتب عنها العديد من المقالات النقدية بالصحف المختلفة.
وعن أسلوبه الأدبي قال اتسمت أعمال “نصر” بالبساطة والتلقائية، الأمر الذي جعل من يقرأها يتأثر بها فتدخل إلى قلبه دون استئذان.
واختتم حديثه موجها الشكر إلى الكاتب الكبير الذي استطاع أن يترك بصمته في كل كتاباته الأدبية من خلال تناول ما يحدث بالتفصيل في قلب الإسكندرية، على عكس غيره من الكتّاب الذين تناولوا القشرة الخارجية للثغر، بالكتابة عن البحر وغيره من الرموز المعبرة عن البيئة السكندرية.
وفي كلمته تحدث الأديب مصطفى نصر عن نشأته في منطقة “غربال” واصفا مدى بساطة أهلها، وموضحا كيف تناولت كتاباته معاناة الطبقات المهمشة، وخاصة الكاتب الذي قرر أن يحيا بعيدا عن أضواء القاهرة.
كما تحدث عن الشخصيات التي تأثر بها طوال مشواره الإبداعي من أبرزهم الشيخ محمد مصطفى المراغي، متوجها بالشكر إلى وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة على اهتمامهما لإقامة هذا اللقاء وتكريمه بمسقط رأسه وسط كوكبة من كبار الكتاب والمثقفين المبدعين.
وتواصلت فعاليات اللقاء المقام بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، بفتح باب النقاش مع الحضور، وفي كلمته أثنى عزت عطوان مدير عام فرع ثقافة الإسكندرية على تكريم هيئة قصور الثقافة للأديب مصطفى نصر الذي يعد من كبار الرموز الأدبية على المستوى العربي، مشيرا إلى أن التكريم يصبح أكثر قيمة عندما يكون الشخص المُكرّم وسط أفراد عائلته ومحبيه.
وأثنى الشاعر إبراهيم خطّاب على الأديب مصطفى نصر المعروف عنه باستخدام الأسلوب السهل الممتنع في الكتابة حول معشوقته الإسكندرية، تلك المدينة الاستثنائية التي كتب عن تفاصيل شوارعها وشخصيات أهلها الكثير من القصص والروايات، وكأن الإسكندرية هي من تقيم فيه.
بينما تحدثت الكاتبة مروة الحمامصي عن الذكريات التي جمعتها بالكاتب الكبير أثناء دراستها بكلية الآداب، ومدى تأثرها بأعماله القصصية والأدبية التي تحولت إلى أفلام سينمائية، مقدمة التحية لشخصه الكريم كونه مصدرا للعطاء الأدبي بالثغر.
واختتم اليوم بتكريم الأديب الكبير بتسليمه شهادة تقدير، ودرع الهيئة العامة لقصور الثقافة، بالإضافة إلى كتاب للشاعر السكندري فؤاد قاعود أهداه له الشاعر إبراهيم خطاب.
برنامج “العودة إلى الجذور” يأتي ضمن جهود الهيئة العامة لقصور الثقافة لتكريم القامات الثقافية والأدبية كافة لاسيما في مسقط رؤوسهم، من خلال تناول سيرتهم الذاتية وعطائهم الأدبي، لإعلاء قيمة الأدب والإبداع بين الأجيال الجديدة.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.