محمد ناصر السنعوسي يوثق تاريخ السياحة


  • الكتاب نجح في توثيق تاريخ المرافق.. الشركات المصممة والمنفذة وقصص التأسيس والميزانيات
  • شروح الصور تميزت بالمعرفة والأمانة في ذكر المصدر
  • صور الكتاب تستحضر زمن الذوق الرفيع والفكر المنفتح
  • مقارنة الكتاب بين الأمس واليوم ليست في صالح عصرنا الحالي
  • الكتاب وثَّق قيمة الضرر في كل مرفق سياحي
  • اهتمام السنعوسي بصور أبناء الشركة.. لمحة وفاء مقدرة
  • استقطاب الكويت لمصممين عالميين موثق بالصور في الكتاب

مفرح الشمري

«الحكايات» هي العنصر المشترك في كتابي السنعوسي: «تلفزيون الكويت تاريخ وحكايات» و«تجربتي في المشروعات السياحية وحكايات أخرى».. حيث نراه مجددا يؤكد تبنيه خلال توثيق مسيرته معادلة متساوية طرفها الأول هو نفسه وطرفها الثاني آخر أو آخرون (مرافق.. مؤسسات.. أشخاص).

باختصار لا يؤرخ السنعوسي في الكتابين سيرته الشخصية فحسب، إنما يكتب معها حكايات من الوطن ويوثق أحداثا ومرافق، ينقذها من النسيان ويرسخ لها مكانا في الذاكرة.

هذه القراءة نجد مدلولها في أكثر من موقع بالكتاب، ويقرها السنعوسي نفسه حينما يقول «لست أديبا ولكني أحاول رصد ما أعتقد أنه فات على الحفظ في ذاكرة المؤسسات، رغم أننا لدينا الكثير من التجارب ولكن كثيرا من الصمت أيضا (97)»، ويقول في المقدمة «حينما أردت أن أوثق تجربة عملي في المشروعات السياحية وجدت نفسي أكتب تاريخ السياحة والترفيه في بلادي بعدما اكتشفت – بأسف شديد – أن أرشيفنا الوطني يفتقر إلى الإلمام الكامل بالجانب التاريخي والمنجز الحضاري لهذا المجال «قبل أن يضيف» لا ندعي في هذا الإصدار أننا نجمع تاريخ الترفيه والسياحة في البلاد قديما وفي الوقت الحاضر لأن حديثنا عن الزمن القديم كان مدخلا للكتاب، كما أنني توقفت عن توثيق نشاط شركة المشروعات السياحية عند مغادرتي لها نهاية سنة 1992»، كما أن معادلته بين العام والخاص تتضح في قوله: وأنا أعيش لحظات الابتسام مع الأحفاد أتساءل: ماذا تركنا لغدهم من مشروع سياحي حضاري متكامل؟ (8).

الكتاب الألبوم

كتاب السنعوسي الجديد «تجربتي في المشروعات السياحية وحكايات أخرى» لم يأت سردا جافا، لأن حديث الصور جاء مسليا وجاذبا، كما أن الوثائق منحته مزجا فريدا، فأتى كل عنصر يتمتع بثقة ودلائل تجعل منه مرجعا مهماً، أما مداه ومساحته الزمنية فاتسعت حينما ضم الكتاب مدخلا عن الترفيه والسياحة قديما مع ذكر تجربة الرجل في مشروعي «شوبيز» ومنتجع سليل الجهراء وقبلهما تحدث عن الغزو وإعادة إعمار المرافق السياحية.

الرواد الأوائل

قدم الكتاب معلومات عن بدر الملا وجهده في رياضة «التزلج على الماء» وفي تأسيس نادي الغزال، وعرض صورا تعكس ذوقا رفيعا في زمن قديم، كما تحمل دلالات المقارنة كصورة تبين جمال النادي قديما وحاله اليوم بعدما ضرب «السوس» نخلة مزروعة أمامه فـ «انحنت وأغلق الباب»، وكذلك الأمر تجاه مسيرة صالح الشهاب.

تأسيس شركة للسياحة

حينما يحدثنا «أبو طارق» عن بدايات شركة المشروعات السياحية نكتشف أن بداياتها كانت بتأسيس شركة المشروعات السياحية والترفيهية في 1974 التي ترأسها العم الراحل خالد يوسف المرزوق – رحمه الله، ثم حلت بدلا منها في ١٩٧٦ شركة المشروعات السياحية التي ما زالت حية إلى الآن، وقد استعرض الكتاب صور وأسماء المبادرين والمسؤولين فيها.

مرافق المشروعات السياحية

يستعرض الكتاب معلومات حول تأسيس المرافق السياحية كأبراج الكويت والأندية البحرية وصالة التزلج ومنتزه فيلكا السياحي، وفي مدخل كل موضوع نجد ترويسة توثق الجهة المشرفة والشركات المصممة والمنفذة، والمساحة والتكلفة، مع سرد قصة المرفق مدعمة بصور لمراحل التشييد، فنشاهد – مثلا – في مشروع الأبراج المصممة مالين بيورن تشرح تصميمها مع صور لأدوات التراث المستمدة منه التصميم، ونجد في صالة التزلج صورا نادرة كصورة المصمم الفرنسي دومينيك بو وزيارات المسؤولين للموقع، كما يستعرض قصة المدينة الترفيهية منذ بداية الفكرة حتى هدمها، وقد كتب السنعوسي عن شعار المدينة «صقر»: قتلته آلات الهدم.. نتذكره فنبتسم ونشعر بحنين لا ينتهي.

خطوات إصلاحية

عند عرض السنعوسي لتجربته في المشروعات السياحية، يحدثنا عن عرض وزير المالية جاسم الخرافي وكيف أنه لم يستسغ الأمر في البداية، إلا أنه قبل تولي المسؤولية بعد اتصالين من أنور النوري وحسن الإبراهيم، كما يذكر أنه وجد الشركة تخسر ثلاثة ملايين دينار سنويا، ويتحدث عن إجراءاته التصحيحية ومنها تحويل مسؤولية الأسطول البحري إلى شركة النقل العام وخطواته في القضاء على البطالة المقنعة بإعادة تنظيم العمل والتي أدت إلى استقالة نحو ألف موظف أغلبهم لديه معاش تقاعدي.

ويضيف «الخبر السار أن الموظفين السبعمائة المتبقين هم من تحتاجهم الشركة بالفعل»، أيضا كان للتسويق وتحسين جودة المرافق دور في تصحيح المسار، فحقق هدفه للعام الأول وهو الوصول إلى نقطة التوازن «لا فائض ولا خسارة»، ومن السنة الثانية بدأت الشركة تحقق هامش ربح وفوائض معتبرة، كما عرض لبعض التحديات من بينها مواجهة فكر متزمت مناهض للترفيه، ولم يفت السنعوسي – كعادته – أن يضع في الكتاب آراء هاجمته، فضم افتتاحية مجلة الإصلاح التي وصفته بأنه يدفع الشركة نحو «الفساد السياحي»، وفي الجانب المقابل وضع السنعوسي أرقاما تكذب ادعاءات المجلة.

فلسفة الشركة

يقول السنعوسي: لتحقيق نقلة نوعية، أسسنا فلسفة تقوم على عدم الاكتفاء بالمفهوم التقليدي للسياحة وحصرها في مشاهدة معالم وخدمات ترفيهية، إنما تقوم على ابتكار طرق جديدة تسهم في إضافة ثقافة فكرية ومعرفية لها وفي ابتكار منتوجات سياحية جديدة، وتحويل ظروف البيئة من عوامل مناهضة للجذب السياحي والترويح إلى نقاط قوة.

التسويق والإعلام

يستعرض الكتاب أهم الوسائل التي أنعشت الشركة ورفعت الوعي بمرافقها وكان من بينها إطلاق شعار «نحن أصدقاؤك» وتأسيس مركز معلومات بعد إصدار مجلة «ابتسامة» تغطي أخبار الشركة وأنشطة مرافقها وتجري لقاءات مع الجمهور واستقبال مقترحاتهم، ونشر مسابقات وإعلانات.

منتزه الخيران

من المرافق التي تم تدشينها في عهد مؤلف الكتاب كان «منتزه الخيران»، وفي ذلك يذكر السنعوسي: أتذكر أنه قبل أيام من الافتتاح طلبت من موظفي الشركة الإقامة في المنتزه مع عائلاتهم، بحسب توزيع مدروس، وأن يعاملوا ويقضوا أوقاتهم كنزلاء، وأن يسجلوا أي ملاحظات أو اقتراحات أو لفت الانتباه لأي قصور أو مشكلات تواجههم. أردت من ذلك الوقوف على مدى جاهزية المنتزه للافتتاح، وساعدنا ذلك في مراجعة تفصيلات «الجاهزية». في هذا القسم أيضا يقدم الكتاب وصفا لمكونات المنتزه ومشاهد منه مع توثيق لحفل الافتتاح.

قصة الواجهة

جلسة على شاطئ الخليج والموج يتكسر تحت الضوء وكوب عصير بارد، بينما تتهادى أصوات الغناء.. إنها واحدة من الجلسات التي يحفل بها شارع الخليج أو ذلك المشروع المهم الذي يعرف بـ «الواجهة البحرية». هكذا بدأ السنعوسي في سرد قصة الواجهة التي جاءت متكاملة لأنها تحدثت عن الأفكار الأولى وبدايات تطوير شارع الخليج ثم مشروع الواجهة ومراحله، أما توثيق حفل الافتتاح فجاء ممتعا وموثقا بالصور، وقد بدا الحفل غنيا بأفكار سنعوسية ومنها كعكة مدهشة وضع «ابوطارق» فكرتها ونفذها أربعة من المتخصصين، وبلغ قطرها أكثر من ثلاثة أمتار وجاءت نسخة من الجزيرة الخضراء.

التعاون العربي.. حبر على ورق

يقول السنعوسي «إذا ما قارنا تجربة الكويت السياحية في الثمانينيات بدول الشرق الأوسط، فإنها تنال صفة الفرادة لأننا نأخذ في الاعتبار الظروف المناخية والاجتماعية، وقياس الكم والكيف من جهة المساحة وعدد السكان.. ويبقى السؤال الكبير: لماذا تأخرنا؟».

كان ذلك مدخله للحديث عن التعاون العربي، وأشار فيه إلى مبادرات لم تنفذ مثل مبادرة استثمار باب العزب بمنطقة القلعة الأثرية بالقاهرة، وتشييد مدينة ملاهي عصرية بالأردن، وتطوير مركز للعلاج الطبيعي بجوار البحر الميت.

الغزو والإعمار

تناول السنعوسي ما مر به أثناء محنة الغزو وتصويره لمشاهد منه وإرسال النيجاتيف إلى الخارج بالتنسيق مع أحد أفراد عائلة القناعات، وقد ضم الكتاب لقطات لتظاهرات نسائية اشتركت فيها زوجته باسمة سليمان وفاطمة حسين وفاطمة عيسى الصالح، كما تحدث عن خروجه من الكويت قبل التحرير بأسابيع وزيارته للقاهرة وكتابة مقالات في «الأنباء» ثم زيارته إلى بيروت وتظاهرات «الرملة البيضا»، ثم عودته بعد التحرير والبدء في إعادة الحياة إلى مرافق المشروعات، وقد ذكر «على ضوء الشموع ووسط ركام من مخلفات الدمار في مقر الشركة، بدأنا الاجتماعات في أبريل 1991 لتخطيط العمل الجبار الذي ينتظرنا»، وقد سجل في كتابه بالمعلومة والصورة أضرار المرافق ووضع جدولا بقيمة خسائرها، قبل أن يتطرق إلى جهود إعادة الإعمار، وقد ذكر أن ما تحقق في النهاية كان معجزة بكل المقاييس.

سياحة الأرض المحروقة

تحدث السنعوسي عن مبادرته بعد التحرير لوضع برنامج سياحي غير مسبوق بهدف تسويق الحدث عند الإنسان الغربي، ولفت الانتباه إلى آثار الغزو، وكان تقديره بأن هناك آلافا من الأسر الغربية ترغب في معاينة الأجواء التي تنقلها وسائل الإعلام ومنها الدخان الأسود الذي يحول نهار الكويت إلى ظلام تام، مع الرمال المختلطة بالنفط ورصد لحظات الانتصار وفرحة التحرير. كانت الخطة تقضي بأن يستقبل السائح على ضوء السراج، وأن نسكنه خيمة ونطعمه الشواء على الفحم وننقله بأبسط وسائل النقل في مناطق الكويت التي تنيرها ألسنة اللهب.

معرض الألم والأمل

يذكر الكتاب أنه بعد ستة أشهر من التحرير تعاونت الشركة مع مركز 26 فبراير في إقامة معرض صور عن جريمة الغزو، وكانت فكرة السنعوسي أن يقام المعرض بأحد مرافق الشركة المدمرة دون تكييف أو تحسين.. وبالفعل تم اختيار مطعم «الدانة»، وشهد الافتتاح ملمحا سنعوسيا آخر حينما تم استبدال شريط الافتتاح بسلك شائك قضمه «مقص حديدي» أمسك به الشيخ سالم الصباح بعد تقديمه له على «خوذة» عسكرية، وقد أورد الكتاب معلومات عن اللوحات المشاركة ورساميها وشرح كيف أن كل ما في المعرض جاء منسجما، المكان تحول إلى خرافة، والمطعم المدمر صالة فنية.

شوبيز

في حديثه عن تجربته مع مشروع شوبيز، تناول السنعوسي مكوناته ومراحل تطويره وما واجهه من حرب شرسة وإصرار وزير المالية بدر الحميضي على سحب المشروع، رغم أن شركة المشروعات السياحية نفسها دافعت عن صحة التعاقد، وأشار إلى أنه في تلك الحرب أطلقوا إشاعات بأن شركته تؤجر شوبيز لمستثمر من الباطن، وحينما لم تثبت صحة ذلك لأن الجميع يرون كيف يدار من خلال أبنائه، أطلقوا إشاعة أخرى بأن الاستثمار فيه بسعر رمزي بما يخالف الحقيقة لأن شركته تدفع للمشروعات السياحية أعلى مقابل استثماري، وفيما يخص الادعاء بأن الدولة عوضته عن «الظلم» الذي تعرض له بمنحه فرصة الاستثمار بمنتجع «سليل الجهراء»، فنّد الكتاب ذلك بذكر أن عقد الاستثمار في سليل بدأ 2001، وفترة التجهيز خمس سنوات، وبالتالي التشغيل في 2006، بينما سحب مشروع شوبيز كان في 2006، أي أن شركته كانت تعمل في مشروع «سليل» قبل سحب شوبيز بخمس سنوات.

سليل الجهراء

ضمت حكايات منتجع سليل اختيار الموقع وتصميم المشروع، وحفل افتتاحه الذي لم يخل من ابتكار سنعوسي حينما تمت صناعة مشهد من تراث البادية في الإعلان عن وضع حجر الأساس، حيث حضرت «كوة» ختمت جلد إبل مصنوعة بكلمة «صباح»، وفي هذا القسم أيضا نجد معلومات مركزة عن مكونات المنتجع: شاليهات وفندق وسوق تجاري ومراكز ترفيهية ونواد صحية وملاعب رياضية ومطاعم ومقاه وحدائق مفتوحة ومركز السنعوسي الثقافي.



المصدر
المصدر الأصلي هو المعني بصحة الخبر من عدمه


اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading