اوراق سيد قطب المفقودة كتاب جديد لمدير تحرير جريدة الشروق صادر عن مركز الحضارة للنشر وجاء فى 160ورقة من القطع المتوسط ويكشف عن اوراق جديدة لم تنشر من بعد عن سيد قطب الشخصية التى مازالت رغم رحيله منذ منتصف الستينيات تثير الباحثين للبحث عن جوانب مازالت خفية .
يقول المؤلف فى مقدمة كتابه فى عام 1996 ذهبتُ لإجراء حوار مع القيادى الإخوانى الدكتور فريد عبدالخالق لجريدة الرأى العام الكويتية، والذى شغل منصب السكرتير الخاص لحسن البنا ورئاسة قسم الطلبة بالجماعة فى الأربعينيات من القرن الماضى بعد أن عرفت من محاضر التحقيقات فى قضية تنظيم 1965 أن فريد عبدالخالق كان أول من حذر سيد قطب فى السجن من إحياء التنظيم السرى للإخوان أو الاتصال بمجموعة الخمسة التى شكلت النواة الأولى لتنظيم 65، وتعرض لهجوم من شباب الجماعة بعد أن ووصفهم بـ«المهووسين»، وكان آخر من تكلم مع سيد قطب قبل نقله بعيدا عن السجناء تمهيدًا لإعدامه، وكان يهمنى أن أعرف ماذا قال سيد له قبل أن ينقل لغرفة انفرادية قبل إعدامه، وكان مفاجأة لى اعتراف سيد قطب له بأنه تعرض للخديعة!!.
فى 16 فبراير 1985 نشرت جريدة «المسلمون» الأوراق التى كتبها سيد قطب فى أيامه الأخيرة بالسجن فى مقدمة النشر أكد الناشر «حافظ هشام ومحمد على حافظ» أن.. الوثيقة التى كتبها شهيد الإسلام (سيد قطب) ناقصة وغير كاملة مع التأكيد أن هذه الوثيقة هى وبلا شك بخط الشهيد سيد قطب.
بمجرد نشر الوثيقة فى جريدة «المسلمون» طال الاتهام وراء تسريب الأوراق المرحوم الأستاذ هيكل البعض اتهمه مباشرة ببيعها لجريدة الشرق الأوسط والبعض قال إنه أعطاها لبعض تلاميذه وتحديدا فهمى هويدى!!.
محمد حافظ دياب فى كتابه «سيد قطب الخطاب والأيديولوجية» يقول: إن الكاتب الصحفى المرحوم صلاح قبضايا قال:
محمّد حسنين هيكل أعطى بعض تلاميذه بعض وثائق العهد الناصرى لدراستها وتحليلها، وكان ممّا أعطاهُ للكاتب فهمى هُويدى هذهِ الوثيقة الذى عرض نشرها فى جريدة «المسلمون» بمقابل كبير وبالفعل نُشرت.
المفاجأة التى يفجرها المؤلف أن فهمى هويدى لم يستخدم المبدأ الذهبى فى مثل هذه الحالات «اسمع كثيرا واتكلم قليلا» وإنما سألنى ماذا قال صلاح قبضايا فقلت: أنك حصلت على الوثيقة من هيكل وبعتها للمسلمين فقال: نعم أنا حصلت على الأوراق من الأستاذ هيكل، ولكن للأمانة هذه الأوراق كانت ناقصة، وليست كل ما كتبه سيد قطب لأن الأستاذ هيكل قام بحذف الكثير منها، وظنى فى ذلك أنه كان لحماية وحفظ صورة النظام الناصرى؛ حيث غلبه انتماؤه السياسى، وأن هذا الأمر أفقد الأوراق قيمتها وبعد ذلك عرضتها فى لندن جريدة «المسلمون» والذين احتفوا بها دورى انتهى عند هذه المرحلة ولم أشارك فى نشرها، ولم يكتب اسمى على الحلقات.
لماذا أعترف؟
بلغ عدد صفحات الذى كتبها سيد قطب 62 صفحة قسمها إلى ثلاثة أجزاء الجزء الأول تضمن تمهيدًا أما الجزء الثالث فقد كان خاتمة لكلامه شملت مخلصًا لما كتب وتبريرًا له وما بين المقدمة والخاتمة كان الجزء الثانى وهو الأخطر ليس لأنه تضمن أدق التفاصيل ولكن لأنه طلب فيه من المحقق أن يرجع لسؤال قادة التنظيم فى أمور مثل أسماء من حضروا أو شاركوا.
«محاولة تذكر الأسماء تسبب لى إجهادًا شديدًا، وتستغرق وقتًا طويلا يمنعنى عن المضى فى التقرير للوصول إلى الوقائع الأخيرة»، حتى يتفرغ هو لكتابة الحقيقة من وجهة نظرة وبعد نقاش طويل اعترف بكل شىء من دون أى ضغط، وكان متعاونا وفقا لكلام المحقق أكثر مما متوقع ملتمسًا العفو من رئيس الجمهورية.
فى 22 أكتوبر 1965 كانت الصفحات قد سلمت لوزير الحربية فى ذلك الوقت شمس بدران وصورة منها إلى مكتب الرئيس جمال عبدالناصر الذى كان حريصًا على متابعة التحقيق أولا بأول، وكان صاحب فكرة أن يعيد سيد كتابة اعترافه مرة أخرى بعد أن كتب اعترافا إجماليا فى 30 ورقة إلا أن معرفة عبدالناصر الشخصية به وتركيبته النفسية وآليات فى التفكير كانت تؤكد أن هناك الكثير الذى يخفيه، وما بين رفض عبدالناصر للاعتراف الإجمالى وثقة سيد بأن الوسطاء سوف يتدخلون للإفراج عنه أعاد كتابة الاعتراف بشكل تفصيلى ليصل إلى 62 ورقة،
فى 22 أكتوبر سنة 1965 كان سيد قطب قد انتهى من كتابة اعترافه كاملا وسلمه لوزير الحربية فى ذلك الوقت شمس بدران ودون أن يسأل فى محضر جمع استدلال شأنه شأن باقى المتهمين فى القضية فلم يجلس أمام ضابط التحريات العسكرية ولم يسأل كيف ولماذا وأين ومتى وإنما طلب أقلاما وأوراق، وكتب بخط يده كل شىء من البدايات حتى يوم القبض عليه!!.
لكن لماذا لم يسأل سيد قطب فى محضر رسمى وفقا للشكل القانونى لمحاضر جمع الاستدلالات التى يتبعها إحالة ملف إلى النيابة لتبدأ تحقيقها للوصول إلى الحقيقة؟
شمس بدران وزير الحربية يجيب على هذا التساؤل فى شهادته بعد نقاش طويل مع سيد قطب اعترف بكل شىء من دون أى ضغط، لا منى ولا من أى ضابط آخر، بل كان الرجل متعاونًا معنا بدرجة أكثر مما كنا نتوقع، وطلب أن يكتب بنفسه القصة الكاملة للقضية من وجهة نظره، ملتمسًا العفو من رئيس الجمهورية.
على مدار أيام عدة ظل يكتب كل ما يتذكره من أحداث وأشخاص، فى مصر انتهت شهادة شمس بدران عن اعتراف سيد قطب؟ ولكنها شهادة تطرح تساؤلات أكثر ما تقدم إجابات فلأول مرة يترك للسجين الحرية فى اختيار شكل التحقيق معه، ويسمح له باستخدام الورقة والقلم وأن يكتب ما يشاء دون أن يسأل تساؤلات كثيرة قال عنها سيد فى افتتاحية كتابه الاستجواب:
لقد كتبت بيانا مجملا قبل هذا تنقصه تفصيلات كثيرة، كما تنقصه وقائع وبيانات كثيرة. ولقد أسيء فهم موقفى وتقدير دوافعى فى كتابه ذلك البيان على ذلك النحو. وأرجو أن يكون فى هذا التقرير الجديد المفصل ما يفى بالمطلوب وما يجعل موقفى مفهوما على حقيقته.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.