محمود عيسى
ذكرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية ان الطريق أمام مبادرة الحزام والطريق الصينية، وبعد مرور 10 سنوات من طرحها، تدخل خطة تأسيس البنية التحتية العالمية في الصين مرحلة جديدة.
ورغم عدم وجود اي إشارة تذكر في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الصيني شي جينبينغ في 7 سبتمبر 2013 في كازاخستان تنم عن تفكيره في الدعوة لاتخاذ خطوات جادة في مختلف أنحاء العالم، الا انها تستمد الدعم من مئات المليارات من الدولارات في هيئة قروض واستثمارات صينية.
وبالتالي، لم يتوقع أحد أن يصبح المشروع سمة مميزة لسياستها الخارجية ورمزا دراميا لصعود الصين كقوة عالمية، وتحدث شي بينغ عن بناء «حزام اقتصادي» على طول «طريق الحرير» القديم الذي يربط الصين بأوروبا، داعيا لتحسين البنية التحتية وتقليل الحواجز أمام التجارة.
وتوشك الصين على الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق المعروفة اصطلاحا برمز BRI في غمرة ضجة كبيرة، لتروج للمبادرة باعتبارها هدية للعالم بما حملته من فوائد اقتصادية ضخمة للاقتصاد العالمي، حيث تقول الصين أنها خلقت 420 ألف فرصة عمل في الدول المعنية بالمبادرة.
كما تم انتشال 40 مليون شخص من الفقر بفضل النمو الذي حققته، ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها يرون ان المبادرة لا تحمل الكثير من الفرص القائمة على النية الحسنة، بل تعتبرها أداة سياسية تهدف إلى تكميم الانتقادات الأجنبية لنظام الحكم الصيني ذي القبضة الحديدية وتوفير الدعم للشركات الصينية التي أثقلت كاهل دول العالم بالديون الهائلة.
وقالت «الإيكونوميست» ان احتفالات الصين بذكرى طرح المبادة لن تجدي نفعا في تهدئة المخاوف في أوساط الدول الغنية، وبالتالي فإن الحدث الأبرز سيتمثل في الدعوة لمنتدى الحزام والطريق المقرر عقده في بكين في أكتوبر المقبل.
وقد تمت دعوة زعماء العالم، ولكن من غير المتوقع أن يحضر أي من قادة دول الغرب. ولكن الضيف الأبرز سيكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيسلط حضوره الى جانب الرئيس الصيني جينبينغ الأضواء على ما يراه الكثيرون في الغرب محاولة صينية للترويج لنموذج بديل للتنمية يتجنب الديموقراطية ويخلق عالما آمنا للحكام.
وتوقعت المجلة ان تكون المبادرة قد شهدت المزيد من المقاومة أثناء فعاليات اجتماع مجموعة العشرين في دلهي يومي 9 و10 الجاري، وستقدم الولايات المتحدة رؤية بديلة لمساعدة الدول الفقيرة من خلال تعزيز دور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتوفير«أكبر قدر من المال» في مواجهة «الإقراض القسري وغير المستدام» الذي تقدمه الصين. ولأسباب غير واضحة، فإن شي جينبينغ يخطط لتخطي هذا التجمع.
وعندما تم إطلاق المبادرة لم يكن هناك ما يشير الى صراع وشيك بين الصين والغرب حول امور تبدو بريئة مثل بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ وخطوط الأنابيب. ولكن شي جينبينغ بدأ العام التالي في استخدام اختصار لهاتين الفكرتين «حزام واحد، طريق واحد»، ما أثار استياء بعض المسؤولين الغربيين لأن المصطلح من وجهة نظرهم بدأ يتمحور حول الصين مصحوبا بمبالغة في التبسيط مقارنة بما ظهر عليه في البداية باعتباره مخططا معقدا يشمل عشرات الدول.
وقالت «الإيكونوميست» ان السنوات الأخيرة شهدت تغير مواقف مختلف دول اوروبا تجاه الصين بشكل كبير، حيث شدد الاتحاد الأوروبي التدقيق في الاستثمارات الأجنبية بحثا عن المخاطر الأمنية المحتملة. ولم تعد ثمة سوى قلة من المشاريع الكبيرة في أوروبا، اهمها خط السكك الحديدية عالي السرعة الذي يجري بناؤه بين المجر وصربيا، بتمويل من الصين التي تأمل الصين في نهاية المطاف أن تربطها مع بيرايوس، لكن مقدونيا الشمالية واليونان لاتزالان تفكران في كيفية المضي قدما في تنفيذ الأجزاء الخاصة بهما.
ولكن تواجد الصين في أفريقيا كان اوسع نطاقا ولعبت دورا كبيرا قبل فترة طويلة من اقتراح مبادرة الحزام والطريق، من خلال مساهمتها في مشاريع البنية التحتية الكبرى، من خطوط السكك الحديدية إلى الموانئ لاسيما في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، لكن مع تراكم الديون على الدول المعنية، أصبحت العديد من القروض متعثرة، وأصبحت أفريقيا بالنسبة للصين مستنقعا ماليا.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.