- وجّه البنوك لتعزيز مصداتها المالية وتحصين القطاع المصرفي أمام أي أزمات قد تحدث مستقبلاً
- بنوكنا تستطيع مقاومة الصدمات الخارجية وخدمة الاقتصاد بكفاءة في ظل أوضاع ضاغطة
- سياستنا النقدية لتكريس الاستقرار النقدي والمالي والحفاظ على جاذبية الدينار
- ننتهج سياسات تحوطية ورقابية تأخذ بالاعتبار النظرة المستقبلية والإجراءات الاحترازية
علي إبراهيم
أكد بنك الكويت المركزي أن قراراته بشأن رسم وتنفيذ السياسة النقدية تأتي في إطار النهج المتدرج والمتوازن الهادف الى تكريس الاستقرار النقدي والمالي لوحدات القطاع المصرفي والمالي، والمحافظة على جاذبية العملة الوطنية كوعاء موثوق للمدخرات المحلية، وتعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام.
وأضاف «المركزي» في تقرير «أثر التحول الرقمي على الاستقرار المالي» والذي حصلت عليه «الأنباء» أنه في إطار متابعته الحثيثة والمستمرة لكل التطورات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية في الاسواق الدولية والتطورات الجيوسياسية وأثرها على الاوضاع الاقتصادية العالمية، وما تفرضه هذه التطورات وتداعياتها من ضرورة الاستجابة بحسب مقتضيات وطبيعة اقتصاد دولة الكويت، قام «المركزي» بتفعيل كل الادوات المتاحة لديه وتعزيزها في سبيل تحقيق اهدافه.
وذكر «المركزي» انه لم يقم بمجاراة البنوك المركزية العالمية في قرارات الرفع المتسارعة لأسعار الفائدة خلال دورة التشديد النقدي.
وأشار «المركزي» إلى أنه منذ مارس عام 2022 قام برفع سعر الخصم 9 مرات بواقع 275 نقطة اساس من بينها 7 مرات بواقع 25 نقطة اساس، ومرتين بواقع 50 نقطة اساس، مشيرا في الوقت ذاته الى السياسات التحوطية التي ينتهجها والسياسات الرقابية التي تأخذ بالاعتبار النظرة المستقبلية والإجراءات الاحترازية، حيث استطاع توجيه البنوك لتعزيز مصداتها المالية وتحصين القطاع المصرفي لزيادة قدرته على مقاومة الصدمات الخارجية بحيث يظل قادرا على مواصلة خدمة الاقتصاد الوطني بكفاءة عالية حتى في ظل اوضاع ضاغطة، وهو ما تؤكده مؤشرات السلامة المالية للبنوك الكويتية كما في نهاية يونيو 2023 من قوة وسلامة اوضاعها المالية والمتمثلة في المعدلات المرتفعة لكل من معيار كفاية رأس المال 18.4% ومعيار تغطية السيولة 163.3% ومعيار صافي التمويل المستقر 113.4% وبنسب تفوق متطلبات الحدود الدنيا لهذه الضوابط الرقابية كما تحددها التعليمات الصادرة عن «المركزي».
وتدعم هذه المؤشرات معايير جودة الأصول، حيث حافظت نسبة صافي القروض غير المنتظمة «المتعثرة» الى صافي القروض على مستواها الأدنى والبالغ 1.1% (بلغت النسبة في نهاية مارس 2023 1.0% وهي الأدنى تاريخيا)، وتشير نتائج تلك المؤشرات الى ان القطاع المصرفي في الكويت قادر على مواجهة التحديات المستقبلية والمرتبطة بالتشديد النقدي من مركز قوة.
وذكر «المركزي» انه نتيجة لجهوده اشاد صندوق النقد الدولي في بيانه الختامي الصادر في 5 يونيو 2023 في اطار مشاورات المادة الرابعة مع الكويت بفاعلية السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي وسياساته الاخرى، مشيرا الى ان الاجراءات الرقابية الحصيفة للبنك قد ساهمت في المحافظة على الاستقرار المالي للنظام المصرفي الكويتي، كما اشاد الصندوق بنظام سعر صرف الدينار الكويتي واعتباره ركيزة ملائمة للسياسة النقدية وسيسهم في بقاء التضخم منخفضا ومستقرا خلال السنوات القادمة. كما تضمن البيان ايضا ان الاستمرار في المحافظة على استقلالية البنك المركزي يعد امرا بالغ الأهمية لتحقيق اهداف السياسة النقدية.
وأشار البيان الى ان تأثير اضطراب القطاع المصرفي العالمي على البنوك الكويتية كان محدودا، مما يعكس نماذج الاعمال الموجهة محليا وإقليميا والرقابة الاحترازية القوية من قبل «المركزي».
وأشاد الصندوق بدور «المركزي» من خلال التشديد النقدي في احتواء التضخم الى جانب دور السياسات الحكومية الاخرى في تقديم الدعوم والأسعار المدارة.
وعن تطورات معدل التضخم المحلي، أشار «المركزي» الى ان معدل التضخم السنوي في يوليو 2023 سجل ارتفاعا بمقدار 3.75% مقارنة بيوليو 2022، ويعزى ذلك بصفة رئيسية الى ارتفاع معدلات التضخم في كل من مجموعات خدمات المسكن، والاغذية والمشروبات، والمفروشات المنزلية ومعدات الصيانة، والكساء وملبوسات القدم، حيث تشكل هذه المجموعات ما نسبته 33.2% و16.7%، و11.4%، و8.0% من اجمالي انفاق المستهلك الكويتي على الترتيب.
هذا، ويمكن القول بوجود استقرار نسبي للأسعار، ومن اسباب ذلك حصافة السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي وفاعلية سياسات الدعوم الحكومية للمواد الغذائية وضمان الامن الغذائي في دولة الكويت بعناصره الاربعة (التوفر، والوصول، والاستخدام، والاستقرار).
وفي السياق ذاته، وضمن اطار متابعة «المركزي» الحثيثة للتطورات في توجهات السياسة النقدية للبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة، وأخذا في الحسبان، اختلاف الاهداف الرئيسية للسياسة النقدية في كل منها، استعرض بعضا من هذه التوجهات، ومن بينها:
بنك الاحتياطي الفيدرالي الاميركي، اذ يعد كل من تعزيز الحد الأقصى لفرص العمل «التوظيف» واستقرار الأسعار هدفين رئيسيين للسياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي او ما يطلق عليه «التفويض المزدوج للاحتياطي الفيدرالي»، الى جانب هدف خفض اسعار الفائدة طويلة الأجل.
وتتمثل رؤية الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تحقيق استقرار الأسعار في الاقتصاد الاميركي استهداف معدل تضخم 2% على المدى المتوسط. ومع الموجة التضخمية العالمية وارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد الاميركي عن مستوياته المستهدفة، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في اتباع سياسة نقدية تشديدية اعتبارا من شهر مارس عام 2022، حيث قام بسلسلة رفعات لمعدل الفائدة على الاموال الفيدرالية بدأت بربع نقطة مئوية من 0.25% الى 0.50% في 16 مارس 2022 واستمرت حتى بلغ 5.50% في نهاية شهر يوليو 2023، اي بارتفاع قدره 525 نقطة اساس خلال تلك الفترة.
وعلى صعيد البنك المركزي الأوروبي، تتمثل الاهداف الرئيسية في ضمان عملة مستقرة وموثوقة تحافظ على قيمتها، وضمان استقرار الأسعار لتحقيق نمو اقتصادي، وتحقيقا لهذه الاهداف، بدأ «الأوروبي» تشديد سياسته النقدية في يوليو 2022 عندما قام برفع سعر الفائدة على عمليات اعادة التمويل الرئيسية من صفر% إلى 0.5% ومع مواصلته معالجة التضخم المرتفع في منطقة اليورو بلغ سعر الفائدة 4.25% خلال شهر اغسطس 2023، اي بارتفاع قدره 425 نقطة اساس خلال هذه الفترة.
وعلى الرغم من الزيادات المستمرة في اسعار الفائدة منذ ذلك الحين، لايزال التضخم اعلى بكثير من مستهدف «الأوروبي» البالغ 2% حيث تشير البيانات الى تراجع معدل التضخم (على اساس سنوي) في منطقة اليورو من 7.4% خلال مارس 2022 الى 5.3% خلال يوليو 2023 ومستقرا عند نفس المعدل في اغسطس 2023، فيما ارتفع معدل التضخم الأساسي من 3% خلال مارس 2022 ليبلغ 5.3% خلال اغسطس 2023 ومنخفضا عن معدل تضخم بلغ 5.5 خلال الشهر السابق.
وأشار المركزي إلى أنه في سياق ما تقدم، يمكن القول باختلاف الدوافع وراء اتخاذ البنوك المركزية لقراراتها الخاصة بالسياسة النقدية، فتشير العديد من التجارب الدولية إلى أن الدافع الرئيسي لمعظم البنوك المركزية في اتخاذ قراراتها خلال الفترة الماضية هو محاولة السيطرة على الارتفاع في معدلات التضخم التي وصلت لأعلى مستوياتها منذ عقود، والوصول الى معدلات التضخم المستهدفة دون التأثير سلبيا على النمو الاقتصادي او امكانية الدخول في ركود اقتصادي.
وفي السياق ذاته، هناك العديد من البنوك المركزية التي تعمل على استقرار قيمة عملاتها المحلية لدعم النمو الاقتصادي المستدام، علاوة على المحافظة على معدلات مناسبة للتوظيف، ولذلك تتطلب السياسة النقدية من البنوك المركزية اتباع منهج يتسم بالحصافة في مواجهة ما يفرضه واقع الاقتصاد العالمي من تحديات، وبما يحقق الاستقرار النقدي والمالي. وعموما، تتخذ البنوك المركزية قراراتها في ضوء اهداف السياسة النقدية والمعطيات الاقتصادية المحلية الخاصة بها، وقد انعكس ذلك بصفة اساسية في التفاوت ما بين استخدام سياسة نقدية تيسيرية او سياسة نقدية تشديدية، وكذلك في توقيت اتخاذ القرار واستخدام الادوات الرئيسية المتاحة للبنوك المركزية والمتمثلة في مقدار التحرك في اسعار الفائدة الرئيسية «سعر الخصم او سعر البنك» ونسبة الاحتياطي الإلزامي، وعمليات السوق المفتوحة.
3 أهداف لـ «الفيدرالي» الأميركي
أشار بنك الكويت المركزي في تقريره الى ان الفيدرالي الأميركي يسعى الى تحقيق 3 اهداف هي: تعظيم التوظف، استقرار الأسعار، معدلات فائدة طويلة الأجل معتدلة.
دعم استقرار النمو الاقتصادي
أشار التقرير الى ان السياسة النقدية في تايلند والصين لها هدفان رئيسيان، ففي الصين تستهدف الحفاظ على قيمة العملة «الرينمنبي». وبما يؤدي الى دعم استقرار النمو الاقتصادي، أما في تايلند فتستهدف تحقيق النطاق المستهدف للتضخم الأساسي (1.0% – 3.0%) لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
هدفان لـ «المركزي» الأوروبي
أوضح التقرير ان البنك المركزي الأوروبي من خلال سياسته النقدية يسعى لتحقيق هدفين هما: عملة مستقرة وموثوقة تحافظ على قيمتها، وضمان استقرار الأسعار لتحقيق النمو الاقتصادي.
توجهات «المركزي» الكويتي
أشار بنك الكويت المركزي الى ان توجهات السياسة النقدية بالكويت لها سماتها المميزة التي تتلاءم مع الطبيعة الخاصة لاقتصاد الكويت، وطبيعة الأغراض التي يسعى البنك المركزي لتحقيقها، وآخذا في الحسبان الاوضاع الاقتصادية العالمية، وعلى النحو الذي يخدم متطلبات عمل الاقتصاد الوطني خلال المرحلة القادمة.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.