أطلقت شركة مارمور مينا إنتليجنس، الذراع البحثية للمركز المالي الكويتي «المركز»، تقريرا بعنوان «نقص الإمدادات الغذائية في الفترة من 2020 إلى 2022: دول الخليج تواجه مشكلة إتاحة وليست مشكلة إمكانيات»، ويستعرض التقرير العوامل المختلفة وراء تضخم أسعار المواد الغذائية وتأثيرها على دول مجلس التعاون الخليجي عامة، وعلى الكويت خاصة.
ففي عام 2022، كشف التقرير العالمي حول أزمة الغذاء عن ارتفاع في حالات النقص الحاد في الغذاء، من 135 مليون شخص في 2019 إلى 205 ملايين شخص في 2022، ومع انخفاض صادرات أوكرانيا من الحبوب والبذور الزيتية بسبب الحرب، كان القمح والبيض وزيت النخيل من بين السلع التي تعاني النقص، وبالرغم من الانخفاضات المؤقتة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية منذ أكتوبر 2019، وبلغت ذروتها في مارس 2022.
وبالرغم من ذلك، انخفضت أسعار المواد الغذائية في وقت لاحق، لاسيما في يوليو 2022، في أعقاب الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وتحسن معدل توافر المواد الغذائية الموسمية، وساهمت مبادرة الحبوب في البحر الأسود في تحقيق الاستقرار وزيادة إمدادات الزيوت النباتية.
وواصل مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة انخفاضه، حيث انخفض للشهر الثاني عشر على التوالي في مارس 2023، وكان هذا الانخفاض مدفوعا بالإمدادات الكافية، وانخفاض الطلب على الواردات، وتوسيع نطاق مبادرة الحبوب في البحر الأسود، مما أدى إلى تراجع أسعار الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان.
نقص المواد الغذائية
وكانت جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف الشحن، وتغير المناخ، وارتفاع أسعار الأسمدة، من ضمن العوامل الرئيسية التي ساهمت في نقص الغذاء وارتفاع التضخم، كما أثرت الحرب الروسية – الأوكرانية بشكل كبير في أسعار المواد الغذائية العالمية. وقد أثرت الاضطرابات في سلسلة الإمدادات الغذائية على كل من الدول المنخفضة الدخل والمرتفعة الدخل، حيث تعاني الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة من انعدام الأمن الغذائي ونقص الغذاء بسبب حظر صادرات الأغذية من قبل بلد المنشأ.
نظرة على دول الخليج والكويت
ذكر التقرير أن دول الخليج تمكنت من ضمان توافر الإمدادات من الواردات الغذائية، واستيعاب أي تقلبات مفاجئة ومتقطعة في الأسعار، وذلك لعدم وجود مخاوف بشأن القدرة على تحمل التكاليف، إلا أن الاعتماد على الواردات من المنتجات الزراعية والغذائية يثير بعض المخاوف بشأن تأثير اضطرابات سلاسل التوريد على أسعار المواد الغذائية ونقصها.
وتعتمد الكويت على الواردات في 95% من احتياجاتها الغذائية، وفي يناير 2022، أفادت التقارير بأن تكلفة شحن الإمدادات الغذائية إلى الكويت زادت 10 أضعاف، من 1400 دولار إلى 14 ألف دولار للطن.
وبلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 7.46% على أساس سنوي في مارس 2023، بعد أن تسارع من 7% على أساس سنوي في الشهر السابق. وفيما يتعلق بالإمدادات الغذائية، يبدو أن التأثير كان مختلطا، فقد كان القمح أحد السلع التي تم تسليط الضوء عليها والتي تأثرت بالحرب الروسية – الأوكرانية، حيث كانت هذه الدول مصدرا رئيسيا له.
إلا أن الكويت لم تتأثر بشكل مباشر لأنها تستورد القمح من أستراليا، وذلك وفقا لشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، المستورد الوحيد للقمح في الكويت. وفي مارس 2022، ذكرت الشركة أن لديها مخزونا استراتيجيا يكفي لتغطية 6 أشهر.
مواجهة اضطراب الأمن الغذائي
على الرغم من اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الواردات، إلا أنها حافظت على قدرتها في الحصول على المواد الغذائية الأساسية بسبب تدابير الأمن الغذائي الطويلة الأجل التي تبنتها بعد أزمة الغذاء 2007-2008.
وتبنت دول مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت استراتيجيات مختلفة لتعزيز أنظمة الأمن الغذائي لديها، بما في ذلك صياغة استراتيجيات غذائية وطنية لتعزيز الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الاستيراد، والحد من الهدر الغذائي، وتعزيز الاحتياطيات.
وبالإضافة إلى ذلك، تتبنى هذه الدول التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة الرأسية والأدوات الرقمية، لتعزيز سلاسل التوريد وزيادة إنتاج الغذاء. واستجابة للظروف المناخية غير المواتية للزراعة، استثمرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضا في الأراضي الزراعية في الخارج.
وفي الكويت، يشمل نموذج الرفاه الذي تتبناه الدولة دعم المواد الغذائية الأساسية من خلال البطاقات التموينية، إلا أن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية المدعومة أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي. وخلال تفشي فيروس كوفيد-19، فرضت الكويت أيضا ضوابط على أسعار المنتجات الغذائية الأساسية للتخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
ومع ذلك، ومع استمرار ارتفاع الأسعار العالمية، أعاد الموردون توجيه منتجاتهم إلى أماكن أخرى، مما جعل من الصعب على المستوردين الحصول على السلع بالأسعار العالمية. وقد أثر ذلك في توافر المنتجات والخيارات للمستهلك.
توصيات لتعزيز الأمن الغذائي الكويتي
أشار تقرير شركة مارمور مينا إنتليجنس إلى بعض من التوصيات الهادفة لضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل في الكويت، وذلك عبر تعزيز الإمدادات الغذائية المحلية، وتنويع مصادر الاستيراد، وتبسيط إجراءات مراقبة الحدود. ويمكن لممارسات مثل الزراعة المائية والري بالتنقيط وأعمال الزراعة أن تعزز كفاءة استخدام المياه.
وعلاوة على ذلك، فإن الاستثمار في الدول المتقدمة التي تتمتع بالأمن الغذائي يعد خيارا أفضل من الاعتماد على المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. كما يمكن لإجراءات مراقبة الحدود الفعالة واستخدام الشهادات الإلكترونية أن يساهما في تيسير الشحن الزراعي.
ومن خلال تنفيذ هذه التدابير، يمكن للكويت تعزيز أمنها الغذائي على المدى الطويل، والحد من التعرض لاضطرابات سلاسل التوريد وتعزيز الاستقرار في توافر المواد الغذائية الأساسية.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.