إن الله تعالى قد اختار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتمًا لرسله؛ ولذلك أحاطه بعنايته الإلهية فتعهده وربَّاه وتولاه بالعناية الكاملة، والرعاية التامة فأدَّبه وأحسن تأديبه، واصطفاه لنفسه، وهيأه لتحمُّل أضخم رسالة، وأعدَّه لأعظم مسؤولية، وكلَّفه بأكبر مهمة عالمية؛ رحمة بالبشرية لينقذ الإنسانية من ظلمات الجاهلية، وضلالات الوثنية، وعبادة المال والجاه والسلطان، وليوجههم إلى عبادة الله الواحد الأحد الذي لا إله غيره، ولا رب سواه.
وكان من مظاهر حماية الله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله تعالى طهَّره في كل مراحل عُمره، من مولده إلى لحوقه بالرفيق الأعلى، يُقتَدَى به في كل مراحل حياته؛ من الطفولة الطاهرة النقية، إلى الصبا البريء المتفتح المصون بالتهذيب والتوجيه، إلى الشباب العف الملتزم المكافح المحصَّن بالقيم الأخلاقية العالية، إلى التأمل والتعبُّد دون غلو أو تطرف، إلى الرجولة الرائعة الباهرة المهيأة لتحمل أعظم التبعات وأداء أسمى الرسالات بكل ما يتطلبه ذلك من ذكاء وتفتح وصبر وجلَد وتقدير لجسامة المسؤولية وأمانة الالتزام، حتى إنه مع نشأته في بيئةٍ جاهليةٍ عاتيةٍ وقومٍ جاهليين لم يسجد لصنمٍ كما كانوا يسجدون، ولم يعبد وثنًا كما كانوا يعبدون، ولم يشرب خمرًا كما كانوا يشربون، ولم يَئِد بنتًا كما كانوا يَئِدُون، ولم يلعب ميسرًا كما كانوا يلعبون، ولم يظلم أحدًا كما كانوا يظلمون، ولم يرتكب منكرًا كما كانوا يرتكبون، فحفظه الله من كل ذلك، ثم أحاطه الله تعالى بالرعاية والحماية بعد بعثته حتى لحوقه بالرفيق الأعلى.
ومن لطف الله به وحمايته له أنه لم يُمَكِّن عدوَّه منه، وجعله شامخًا منتصرًا عزيزًا، حتى أتم الله به الدين وختم به رسالات السماء، وأخرج الناس من ظلمات الشرك والجهل إلى نور التوحيد والعلم
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.