وجدت دراسة أن الصخور التي تشكل زخات شهب التوأميات في نهاية كل عام ربما نشأت من خلال حدث فوضوي وقع قبل 18 ألف عام، ما قد يجعل النيازك أقدم بنحو 10 مرات مما كان مقدرا في السابق.
وتأتي شهب التوأميات، التي تحدث بداية من منتصف شهر ديسمبر من كل عام، من كوكبة التوأمين (حيث حصلت على تسميتها نسبة للكوكبة) الواقعة بين كوكبتي الثور والسرطان، وهو الموقع الذي تظهر منه في السماء.
لكن زخات الشهب هذه، التي غالبا ما يشار إليها باسم شهب الجوزاء، أو ملك زخات الشهب، يعود مصدرها في الواقع إلى كويكب من كويكبات أبولو (مجموعة من الكويكبات القريبة من الأرض (NEA) يسمى فايثون (3200 Phaethon)، وهو كويكب أزرق غريب يتأرجح على طول المدار على شكل بطيخة ليأتي ضمن 0.14 وحدة فلكية فقط من الشمس، أو نحو عُشر المسافة بين الأرض والشمس. وعند هذه النقطة من مداره، يكتسب فايثون الذي يبلغ عرضه 5.1 كم، ذيلا غريبا يشبه المذنب.
ولسنوات، اعتقد علماء الفلك أن الذيل يتكون من شظايا صخرية تشكل سحابة الغبار التي بدورها تولد التوأميات (Geminids). ومع ذلك، فإن الملاحظات الحديثة تشير إلى أن جزيئات الذيل الحالية أصغر بألف مرة من صخور التوأميات ذات الحجم الخرزي، وربما تكون عبارة عن صوديوم متبخر، وليس غبارا.
وتشير إحدى النظريات إلى أن فايثون قام بإيداع شظايا التوأميات بالقرب من الأرض منذ نحو ألفي عام، لأن ذلك كان عندما اقتربت الصخرة من الشمس، كما قال مؤلف الدراسة الرئيسي هانغبين جو، وهو طالب دراسات عليا في علم الفلك في جامعة سيئول الوطنية بكوريا الجنوبية، لموقع “لايف ساينس”.
ومع ذلك، أشار جو إلى أنه إذا أنتج فايثون التوأميات عبر نشاط يشبه المذنب، فسيحتاج الكويكب إلى احتواء كميات هائلة من الجليد لإخراج الشظايا، وهو ما تشير نماذج الكمبيوتر إلى أنه غير مرجح.
وبدلا من ذلك، ركز جو والمؤلف المشارك ماساتيرو إيشيغورو، أستاذ برنامج علم الفلك بجامعة سيئول الوطنية، على آلية مختلفة: عدم الاستقرار الدوراني.
وقال جو إنه في مثل هذه العملية، فإن الإشعاع الشمسي “يدفع” الكويكب، ما يؤدي إلى دورانه ببطء بحيث، بعد ملايين السنين، سوف يدور بسرعة كافية لتتغلب قوى الطرد المركزي على قوى الجاذبية التي تلصق أصغر مكونات الكويكب معا.
وفي حالة فايثون، فإن عدم الاستقرار هذا من شأنه أن يؤدي إلى تفتيته جزئيا، ما يؤدي إلى إنشاء الملايين من قطع الحصى، ومن المحتمل جدا أن تكوّن التوأميات.
ولاختبار نظريتهم، عمل العلماء بشكل عكسي بدءا من يومنا هذا، وحددوا موقع فايثون وسرعته على مدار المائة ألف عام الماضية. ثم اختاروا تسع فترات زمنية، يبلغ طول كل منها 1000 عام، وقاموا خلالها بمحاكاة قذف الكويكب للقطع الصخرية.
وفي هذه المحاكاة، تم تصميم فايثون على شكل كرة تزن 116 تريليون كغ وتدور بسرعة كافية لتتخلص من نحو 300 ألف شظية، معظمها من منتصفه. وهذا من شأنه أن يحاكي سلوك الكويكب إذا جعله إشعاع الشمس غير مستقر دورانيا. ثم تتبع الفريق مسارات هذا الحطام عبر آلاف السنين، مع الأخذ في الاعتبار قوى الجاذبية لجميع كواكب النظام الشمسي.
وكشفت عمليات المحاكاة أن فايثون فائق الدوران كان من الممكن أن ينتج التوأميات. وأشارت النتائج إلى أن الكتلة الإجمالية للنيازك تبلغ في المتوسط 10 ملايين طن، وهو ما يتوافق مع التنبؤات التي تم إجراؤها باستخدام مسبار باركر الشمسي التابع لناسا وعمليتي محاكاة تحاكيان تقريبا المسارات المرصودة للتوأميات.
وفي هذه النماذج، حدث تساقط كتلة فايثون قبل 18 ألف عام، ما دفع العلماء إلى استنتاج أن هذا حدث عندما تم إطلاق الجسيمات المسؤولة عن التوأميات على الأرجح في الفضاء. ومع ذلك، كشفت عمليات المحاكاة أيضا أن هذه ليست سوى جزء صغير من الشظايا التي تم توليدها خلال هذا الحدث، والتي حولتها الجاذبية المشتركة للزهرة والأرض نحونا منذ نحو 4 آلاف عام.
وقال جو إن الملاحظات الجديدة تشير إلى أن الصخرة الفضائية تدور بشكل أسرع مرة أخرى، ما يؤدي إلى تقصير فترة دورانها بمقدار 4 مللي ثانية كل عام. وهذا يعني أن نيازك جديدة قد تولد يوما ما، ولكن بعد ملايين السنين.
ويأمل العلماء أن تجد مهمة DESTINY+ اليابانية المتجهة إلى فايثون، والمقرر إطلاقها في عام 2025، دليلا على عدم الاستقرار الدوراني.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.