- غياب إصدار أدوات دين جديدة يصعّد الضغوط على الاحتياطيات النقدية للحكومة
- جزء كبير من خفض النفقات يعزى إلى غياب المصروفات الاستثنائية غير المتكررة
- رفع معدلات الإنفاق الرأسمالي مطلوب لتحقيق خطة العمل الحكومي المليئة بالمشاريع
- نمو الإيرادات غير النفطية قريب من متوسطه التاريخي ويشير لعدم اعتماد تدابير جديدة
توقع تقرير اقتصادي صادر عن بنك الكويت الوطني أن يكون وضع المالية العامة بالكويت أفضل من المتوقع في موازنة العام المقبل، وذلك على خلفية عدد من العوامل التي تتضمن الإنفاق بمستويات أقل من المستوى المستهدف في مشروع الموازنة، وارتفاع أسعار النفط مقارنة بالسعر المتوقع في الموازنة.
وذكر «الوطني» أن الهدف الكامن من ضبط النفقات، وفقا لمشروع الموازنة العامة الجديدة للكويت يعكس الحاجة لمعالجة العجز المالي المستمر وتحذير الحكومة من خلال أجندة عملها على مدار الأعوام الـ 4 الأخيرة من أن فجوة التمويل، إذا لم تتم معالجتها، قد تتصاعد إلى ما بين 45 و60 مليار دينار على مدار الأعوام الـ 5 المقبلة نظرا لتضخم فاتورة الأجور والدعوم والاعتماد الشديد على العائدات النفطية.
وعلى الرغم من سهولة السيطرة على نمو النفقات العامة مقارنة باستحداث مصادر جديدة للإيرادات، فإن خطة العمل للحكومة تشير أيضا إلى التحرك لإعادة تسعير رسوم الخدمات الحكومية والإيجارات العقارية، وإصلاح الدعوم الحكومية، وفرض ضرائب على الشركات والضريبة الانتقائية.
ويرى أن ضغوط السيولة التي يتعرض لها صندوق الاحتياطي العام تراجعت على المدى القريب بفضل الفائض المالي الكبير المسجل في السنة المالية 2022/2023 بسبب الارتفاع الاستثنائي لأسعار النفط والتحويلات من قطاع النفط، إلا أن الحكومة كانت حريصة أيضا على تجنب عودة ظهور الصعوبات من خلال إقرار مشروع قانون «أدوات السيولة» الذي من شأنه تسهيل إصدار أدوات الدين.
وتفصيليا، لفت التقرير إلى أن مشروع الموازنة الحكومية للسنة المالية التي تبدأ في أبريل المقبل (2024/2025) أظهر تسجيل عجز بـ 5.9 مليارات دينار، ويعد الانخفاض في العجز المقدر عن موازنة السنة المالية 2023/2024 نتيجة انخفاض النفقات المرتبطة بالبنود الاستثنائية، وهو الأمر الذي ساهم في تعويض التراجع المتوقع للإيرادات نتيجة انخفاض إنتاج النفط، في حين لا يبدو أن الموازنة العامة قد شملت تدابير جديدة لتعزيز الإيرادات.
وزاد «هذا العجز قد يكون التاسع الذي تسجله الموازنة العامة خلال السنوات الـ 10 الماضية، مما يسلط الضوء على التحديات المستمرة المتمثلة في تحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل، وفي غياب إصدار أدوات دين جديدة أو غيرها من التدابير المماثلة، فسوف يستمر تصاعد الضغوط التي تتعرض لها الاحتياطيات النقدية للحكومة».
وأضاف «الوطني» في تقريره «من المقرر أن يبلغ بند النفقات 24.6 مليار دينار في السنة المالية 2024/2025، بانخفاض نسبته 6.6% مقارنة بموازنة العام السابق، كما تم خفض النفقات على جميع البنود الرئيسية كالدعوم (-22% مقارنة بالموازنة السابقة لنحو 4.7 مليارات دينار)، والرواتب (-0.8% إلى 14.8 مليار دينار)، والنفقات الرأسمالية (-7.7% إلى 2.3 مليار دينار)، والنفقات الأخرى (-4.7% إلى 2.7 مليار دينار)».
ويرى «الوطني» أن جزءا كبيرا من خفض النفقات يعزى إلى غياب النفقات الاستثنائية غير المتكررة مقارنة بموازنة العام السابق، والتي تمثلت في نحو مليار دينار من المدفوعات مستحقة السداد لتغطية عدد من البنود كالدعم غير المسدد المتعلق بتشغيل المصافي ومحطات المياه والكهرباء، كما تم توفير مبلغ إضافي قدره 0.5 مليار دينار في هيئة بدلات الإجازات المتراكمة غير المتكررة.
وزاد «باستبعاد تلك البنود، تنخفض النفقات المدرجة في الموازنة بنسبة أكثر تواضعا قدرها 1% عن العام السابق، مما يبين سعي الحكومة لضبط الإنفاق في ظل العجز الكبير المتوقع، نظرا لأن معدل نمو الإنفاق قبل الجائحة كان في حدود 6% سنويا في المتوسط».
وحول الهيكل العام للنفقات، يرى «الوطني» أن هناك نقطتين في الموازنة تستحقان تسليط الضوء عليهما، وهما استمرار هيمنة البنود المتعلقة بالأجور والدعوم والانخفاض المستمر في النفقات الرأسمالية، أولا، ارتفعت حصة الأجور وإعانات الدعم بوتيرة مطردة على مدى السنوات القليلة الماضية، ووصلت الآن إلى معدل مرتفع بنسبة 79.4% من إجمالي النفقات المقدرة، وتمثل الأجور وحدها 60.4%، وهي أعلى حصة تصلها على مدار السنوات الأخيرة.
وأضاف: «على الرغم من إمكانية تذبذب قيمة الدعوم بسبب تغير أسعار الطاقة، إلا أن جمود برامج الدعم والإنفاق الإجمالي على الأجور يشير إلى أنه من المرجح أن يتم تقليص النفقات من خلال خفض النفقات الرأسمالية أو من خلال البنود التقديرية الأخرى، أي فئة (العلاوات والبدلات) و(المكافآت)، والتي بدلا من ذلك شهدت زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة».
ثانيا وعلى صعيد متصل، يعد الخفض المستهدف للنفقات الرأسمالية هو الثالث على التوالي، بعد تقليص موازنة السنة المالية 2022/2023 والسنة المالية 2023/2024 بنسبة 15-16% سنويا، بالإضافة إلى ذلك، بلغ الإنفاق الرأسمالي الفعلي نحو 70-80% من القيمة المستهدفة ضمن الموازنة العامة على مدى السنوات القليلة الماضية، مما أدى الى تراجع النفقات الرأسمالية الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى منخفض بلغ 3.7% في السنة المالية 2022/2023، ويعتبر هذا المعدل أقل من الإنفاق الرأسمالي للدول المجاورة وسوف يتطلب رفعه إذا أرادت الحكومة تحقيق خطة عملها المكثفة المليئة بالمشاريع، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن الحكومة تعول على الاستفادة بصورة أكبر من القطاع الخاص، بما في ذلك الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمارات خارج الميزانية العمومية من خلال صندوق «سيادة» المقترح، لدعم مساعيها التنموية.
من جهة أخرى، من المتوقع أن تنخفض الإيرادات إلى 18.7 مليار دينار (-4.1% على أساس سنوي) بما في ذلك الإيرادات النفطية بقيمة 16.2 مليار دينار (-5.4% على أساس سنوي)، في ظل التوقع الحكومي المتحفظ لأسعار النفط (70 دولارا للبرميل في المتوسط) وتقدير انخفاض الإنتاج النفطي (إلى 2.55 مليون برميل يوميا من 2.68 مليون برميل يوميا) بما يتسق مع التزامات الكويت بخطة خفض حصص الإنتاج التي أقرتها «أوپيك» وحلفاؤها.
إلا أن الوصول إلى متوسط مستوى الإنتاج المتوقع في الموازنة قد يتحقق في حالة واحدة فقط والتي تتمثل في التراجع سريعا عن تخفيضات الإنتاج الحالية البالغة 135 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من عام 2024 (وصل معدل الإنتاج في يناير 2024 إلى 2.4 مليون برميل يوميا)، ووفقا للتقديرات الحالية لأرصدة العرض والطلب في سوق النفط، يبدو هذا التصور متفائلا بعض الشيء.
وفي الوقت ذاته، من المتوقع أن ترتفع الإيرادات غير النفطية إلى 2.4 مليار دينار (+5.7%)، بما يمثل 13% من إجمالي الإيرادات، وعلى الرغم من عدم الكشف عن التفاصيل الكاملة بعد فإنها تشمل إيرادات ناتجة عن ضريبة الشركات والرسوم الجمركية والإيجارات العقارية ورسوم المياه والكهرباء وإيرادات المستشفيات والرسوم والغرامات الحكومية الأخرى، ويعتبر نمو الإيرادات غير النفطية المتوقع للسنة المالية 2024/2025 قريبا من متوسطه التاريخي، مما قد يشير الى عدم اعتماد تدابير جديدة ضمن هذه الموازنة لتعزيز الإيرادات غير النفطية.
تخفيض الإنفاق الرأسمالي.. أكثر واقعية
ذكر «الوطني» أن الإنفاق الرأسمالي تم خفضه بأقل معدل منذ 3 أعوام، ومن الممكن تفسيره أيضا باعتباره هدفا أكثر واقعية نظرا لمستوى انخفاض النفقات على مدار السنوات السابقة، وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن مشروع الموازنة قد يخضع للمراجعة، وكثيرا ما كان سابقا يتم رفع مستوى النفقات قبل إقراره من قبل مجلس الأمة.
موازنة محايدة تجاه النمو
يرى «الوطني» من خلال وجهة نظره الأولية فيما يتعلق بتأثير الموازنة على الاقتصاد أنها تبدو محايدة تجاه النمو في ظل خفض النفقات، وإن كان ذلك مقارنة بالمستويات المرتفعة خلال السنة المالية السابقة، وتضمن خفض النفقات أيضا تراجع شريحة الرواتب الرئيسية والتي عادة ما تكون مؤثرة في زيادة الإنفاق الاستهلاكي بنسبة بسيطة.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.