خليل جلال حامل راية الحكام العرب في جنوب


لم يكن يخطر ببال السعوديين ان يغيب منتخب بلادهم عن مونديال جنوب افريقيا وحتى وان لم تكن مستوياته تشفع له آنذاك، وعندما وقعت الفأس في الرأس أيقنوا أن أحلاما كثيرة كانوا يمنون أنفسهم بها قد ذهبت أدراج الرياح، وفتحوا أعينهم على الأمر الواقع، بل ذهب كثير منهم يندب حظه أن الاسم السعودي سيغيب عن المونديال وراح الغيورون يضربون كفا بكف، إلى أن جاءهم بصيص أمل، سرعان ما بات حقيقة عندما أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في الخامس من فبراير الماضي اختيار الحكم الدولي خليل جلال الغامدي للمرة الثانية على التوالي ليكون ضمن قائمة حكام العالم الذين سيديرون مباريات مونديال 2010 في جنوب إفريقيا وعددهم 90 حكما، ومن هنا لاحت بوارق الفرح بان الاسم السعودي موجود وبقوة في المونديال.

وبات سعوديون وعرب كثر وعلى اختلاف ميولهم يعلقون آمالا واسعة في أن ينجح جلال في مهمته الصعبة ويشرف أبناء جلدته وبني العروبة كافة، والجميل أن الآراء هذه المرة توحدت لمصلحته حتى وإن اختلفت ذات مساء على صفارته في خطأ أو احتساب ركلة جزاء أو احتساب هدف تسلل أو إلغاء آخر في الدوري المحلي أو في استحقاقات خليجية وعربية وآسيوية.

التحكيم السعودي

ويمني جلال نفسه بأن يشرف الحكم السعودي والعربي والآسيوي في هذا المحفل الدولي وأن يعتلي ذكر اسم بلاده في أكبر تجمع كروي في العالم إذ لم تسعه الفرحة عندما تم إعلان ترشيحه لقيادة مباريات نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، إذ نجح الغامدي في فرض اسمه بقوة للمرة الثانية على التوالي في كأس العالم مواصلا حضور التحكيم السعودي في كأس العالم منذ مونديال فرنسا 1998، وكان أول حكم سعودي شارك في نهائيات كأس العالم الحكم السابق فلاج الشنار في مونديال المكسيك 1986، ليتوقف الركض التحكيمي السعودي في نهائيات كأس العالم قليلا أشبه باستراحة محارب ليواصل انطلاقته مجددا وبقوة في مونديال فرنسا 1998 عن طريق الحكم السعودي الدولي المعتزل عبدالرحمن الزيد، وواصل الحكم السعودي ركضه الميداني في المحفل الرياضي الدولي الأبرز على مستوى العالم الحكم علي الطريفي في مونديال اليابان وكوريا الجنوبية 2002، لتشرق شمس الحكم الدولي خليل جلال في مونديال ألمانيا 2006.

ترشيح خليل جلال لقيادة مباريات كأس العالم في جنوب أفريقيا لم يأت من فراغ بل جاء بعد تجاوزه اختبارات (فيفا) أحد أهم المحكات الحقيقية للحكم الناجح، إذ جاءت النتائج مبشرة وقدم مستويات رائعة على الصعيد المحلي والآسيوي ولعل لثقته بنفسه دورا بارزا في ذلك وإمكاناته الفنية والذهنية.

ولا يمكن لجلال أن ينسى كلمات الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل وجهودهما في تسهيل وتذليل الصعاب كافة لضمان نجاحه، ودعمه ماديا ومعنويا، وتقديم النصح له خصوصا أنه يعتبر بوابة السعودية رياضيا في المونديال وعيون العالم كافة مسلطة عليه وعلى قراراته وصفارته.

معلم التربية البدنية

جلال الذي يعمل معلما للتربية البدنية في إحدى مدارس التربية والتعليم في جدة لم يستطع حبس دموعه وهو يشاهد طلابه يلتفون حوله ويعانقونه ويهنئونه على ذلك متمنين له التوفيق ويداعبونه بالعبارات الجميلة في سبيل التخفيف عنه بعد أن شاهدوا معلمهم يمسح دموعه تارة بمنديل وتارة بكف يده والصفارة معلقة في رقبته، لم يتردد الطلاب في ان يرددوا على مسامع الجميع «يا حكم احكم عدالة»، وتارة يرددون «يا خليل.. يا خليل علمهم فن التحكيم».

ولعل وزير التربية والتعليم في السعودية الأمير فيصل بن عبدالله كان أبا حانيا عندما استقبله وهنأه بهذه الثقة وأكد له أنه خير مثال للرجل التربوي والقدوة الحسنة وأنه ساهم في علو كعب الحكم السعودي، مؤكدا «أن ذلك يؤكد مكانة الحكم السعودي ومقدرته على تشريف الوطن في المناسبات الرياضية الدولية»، ووجه بتفريغه من عمله لمدة شهر ونصف الشهر، لتهيئته نفسيا واجتماعيا ولياقيا لضمان نجاح مشاركته الدولية.

جزر الكناري

ولفت خليل جلال أنظار المسؤولين في لجنة الحكام في الاتحاد الدولي (فيفا) في معسكرات ثلاثة ضمت حكام البطولة الـ 90، وجاء أول معسكر في الثالث من مارس الماضي في العاصمة السويسرية زيوريخ إذ خضع الحكام لاختبارات فحص الدم وصحة العظام والعضلات، فضلا عن تخطيط كهربائي للقلب واختبار للجهد البدني وفحص طبي، فكان في كامل صحته ولياقته البدنية.

ومن ثم التوجه إلى معسكر جزر الكناري بإسبانيا في السادس من الشهر ذاته لإكمال الاختبارات التحريرية والبدنية والفنية وفق ضوابط (الفيفا) وتخلل المعسكر ورش عمل نظرية وعملية وعرض لقطات تلفزيونية لحالات تحكيمية، وكان جلال من أبرز الحكام الذين تجاوزوا تلك الاختبارات بثقة وتفوق.

ولأنه ذكي ولا يفوت الفرص على نفسه ويسعى لتطوير نفسه وإمكاناته الفنية والذهنية استغل تواجده في الصين لمدة 12 يوما حينما قاد مباراة جوان بكين الصيني وسيونغنام إلهوا تشونم الكوري الجنوبي في 31 مارس في دوري أبطال آسيا والمباراة الأخرى التي قادها أيضا في البطولة بالبلد نفسه بين شاندونغ ليونينغ إل تي الصيني وسانفرس هيروشيما الياباني في 13 ابريل، وهناك أقام معسكرا في الصين لمواصلة برنامجه الإعدادي المقرر من (فيفا) بموافقة الاتحادين السعودي والآسيوي.

اختبارات «فيفا»

وكان الحكم الدولي خليل جلال قد اجتاز آخر اختبارات (فيفا) لحكام قارتي آسيا وأوقيانيسيا المرشحين للمشاركة في المونديال والتي أقيمت في العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال الفترة من 1 إلى 4 مايو بنجاح وبأعلى الدرجات وكانت الاختبارات قد اشتملت على اختبارات اللياقة البدنية، اختبار 40 مترا ست مرات في 5.6 ثوان و24 مرة 150 مترا في 30 ثانية بإشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم وتم خلال المعسكر إقامة المقابلات واللقاءات مع الإخصائي الفني والنفسي ومدرب اللياقة والدكتور العام.

القهوة العربية

وقبل أن يحزم جلال حقائبه تجاه جنوب أفريقيا فضل أن يقيم معسكرا ختاميا في بيئة مشابهة لبيئة البلد المضيف فاتجه إلى مسقط رأسه مدينة الباحة لمدة 12 يوما ورافقه في هذا المعسكر مدرب المنتخب السعودي لألعاب القوى وإخصائي علاج طبيعي متابعين لتدريباته بشكل يومي والتي تشمل الجوانب التكتيكية واللياقية، ثم اتجه إلى مدينة بريتوريا في جنوب أفريقيا لإقامة معسكر لمدة 7 أيام يتم خلاله شرح بعض التعديلات الجديدة في قانون التحكيم والتي سيتم تطبيقها مع انطلاقة مباريات البطولة وستكون بريتوريا مقرا لجميع حكام البطولة بحيث يغادرون لتحكيم المباريات في المدن الأخرى ويعودون لمقر سكنهم، جلال الذي يعشق القهوة العربية ودع أهل بيته وهم يضعون له البن والهيل والزعفران والجنزبيل والمسمار والقرفة والتمر الجيد في حقيبة خاصة تسمى «العدة» وودع أهل بيته متمنيا أن يعود مرة ثانية لأرض الوطن مرفوع الرأس، وسبق أن أكد لـ «العربية نت» أنه فخور بهذه الثقة الكبيرة من قبل الاتحاد الدولي لقيادة مباريات مونديال جنوب افريقيا وهي الثقة المستمدة من صناع القرار في الرياضة السعودية.

تاريخ ذهبي

ووثق خليل جلال الغامدي تاريخه المنقوش بماء الذهب وتناقلته الوكالات الدولية والمحلية فهو حكم كرة قدم سعودي دولي من مواليد 1970، حصل على الشارة الدولية عام 2003 وتم ترشيحه من قبل «فيفا» ضمن قائمه أفضل 50 حكما في العالم 2008 وله العديد من المشاركات المحلية والدولية أبرزها كانت إدارة مباراة افتتاح كرة القدم في الألعاب الأولمبية الصيفية 2008 والتي جمعت بين البرازيل وبلجيكا في بكين، وإدارة مباراة افتتاح كأس العالم للأندية 2006 والتي جمعت بين الأهلي المصري وأوكلاند سيتي النيوزيلندي في طوكيو، إضافة إلى العديد من المباريات المحلية والدولية المهمة، ومنها مباراة في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم عام 2009 بين اليابان وأستراليا وفي مونديال 2006 في ألمانيا شارك خليل جلال بصفته حكما رابعا في بعض المباريات، كما شارك في كأس الخليج في الإمارات، كأس العالم 2006، كأس العالم لكرة القدم للأندية، كأس آسيا 2007، كرة القدم في الألعاب الأولمبية الصيفية 2008 في بكين، في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم عام2009، وأخيرا نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2010 بجنوب أفريقيا، لذلك يعتبر خليل جلال ضمن أفضل عشرة حكام من حيث المشاركات والسجل التحكيمي قبل البطولة وجاء الطاقم المساعد لخليل مكونا من الإيراني حسن قمر نيار والإماراتي صالح المرزوقي.


اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من موقع نايفكو

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading