«سوف أحنط وأدفن في الهرم الزجاجي الذي بنيته في الهارودز ولن أبرح هذا المكان الذي سترفرف روحي فوقه»، تلك الكلمات رددها عدة مرات أبوالهول المصري او الفرعون محمد الفايد كما يطلق عليه وهي تلخص علاقته بمتاجر الهارودز وشغفه كما اوضحت صحيفة «الصن» في احدى المرات عندما ذكرت ان الفايد اوصى بتحنيط جثمانه واستخدام المومياء كعقرب من عقارب الساعة العملاقة التي تزين قمة متجر هارودز الرئيسي.
عرش الامبراطور
العلاقة الوثيقة بين الفايد ومتجره قرر أن يفصم عراها ببيعه هارودز لشركة قطر القابضة ليتخلى الامبراطور عن عرشه وعن وصيته وعن مملكته التي توجته ليصبح احد ابرز وجوه بريطانيا رغم عدم نيله جنسيتها حتى الآن وهو الذي اعتبر ان هارودز مستعمرته داخل اكبر دولة مستعمرة وهو سعيد بمستعمرته لأنها في أكبر دولة عنصرية.
رجل مثير للجدل أينما حل ترافقه الأضواء ارتبط اسمه بأحداث كبيرة لن يهملها التاريخ، ومسيرته مليئة بالتناقضات البعض يراها قصة كفاح والبعض الآخر يراها مثالا للانتهازية.
الحضارة المصرية
يتهمه البعض بأنه ينكر مصريته لأنه لم يعد إطلاقا لموطنه وكان رده على ذلك بأنه لا يوجد سبب يدعوه للعودة فلم يكن هناك بيت ولا تقاليد واعراف ولا عائلة ذات معنى، إلا انه يفتخر بجواز سفره المصري ويتباهى بأنه ابن اعظم حضارة في العالم فعندما كان المصريون يبنون كان هؤلاء (البريطانيون) يسيرون حفاة ويرتدون الجلد ولذلك وضع للأوروبيين مصر داخل لندن.
الفايد وأبوالهول
يهوى السير في الهارودز ليرى العظمة والحضارة التي تجسدت في تماثيل ونقوش فرعونية ويعتبره معبد الكرنك والسلالم المتحركة وادي الملوك، ويفتخر برواد المتجر البالغين يوميا حوالي 300 ألف ويوم السبت 600 ألف ليصبح المحل في عهده التحفة التي لا يستطيع احد تغييرها.
يتباهى دائما بإنجازاته التي رسمها للمتجر حيث حذف وجه ابوالهول من التمثال ووضع وجهه بدلا منه وكذلك فعل مع وجه رمسيس وكلف فنانا بريطانيا بالقيام بجميع النقوش داخل المتجر الذي يعتبر مركز التسوق الرسمي للعائلة المالكة البريطانية والذي يرتاده الاغنياء، والذي تحول خلال 150 عاما الى مؤسسة بريطانية ضخمة ولم يكن هارودز عندما اسسه هنري هارودز سنة 1849 سوى محل بقالة صغير في منطقة «نايتسبريدج» بالقرب من حدائق هايد بارك لكنه اخذ في الاتساع مع مرور الوقت حتى اكتسب شهرة عالمية واصبح رمزا للفخامة والأناقة.
يعتبر ان 90% من الشعب البريطاني يحبه ومائتي شخص فقط يحاولون استعداء الناس عليه ويشدد على ان الحرب التي شنوها عليه كان سببها الحقد والحسد كونه مصريا وشعره اجعد وجلده اسمر.
عاشق الرياضة
رياضي بامتياز وعاشق للرياضة اشترى عام 97 نادي فولهام لكرة القدم التي كان يلعبها في صغره هو وشقيقاه على شواطئ الإسكندرية الرملية مع الجنود البريطانيين، الذين كانوا متمركزين في قاعدة عسكرية قرب منزلهم، وكان نادي فولهام يشارك فقط في بطولة اللاعبين المحترفين درجة ثانية فوعد الفايد بأن يصبح النادي لاعبا اساسيا في الدوري الانجليزي للدرجة الممتازة وحقق النادي هذا الحلم بداية القرن الواحد والعشرين.
فاجعة دودي
حزنه الأكبر وفاجعته الكبرى كانت برحيل دودي الذي يصفه بالشهم والمرح والممتلئ بالتقاليد المصرية، حيث لم يدفنه في مصر ليبقى بجوار قبره يوميا وليجلس معه ويحدثه فهو يذهب اليه يوميا في الصبــاح ليتنــاول الشــاي بجــواره ويقرأ له القــرآن ويصــف تلقيه خبر وفاته بالكارثة ويصف احساســه قائلا: شعرت بهزة كبيرة عندما ابلغت بالحادث بان دودي وديانا تعرضا لحادث ومات دودي وانتقلــت ديانــا الى المستشفى وساعتها مر علــى ذاكرتــي كــلام ديانــا معــي وتذكرت التهديدات التي كانت تتلقاها من العائلة المالكة حتى انني قلت لنفسي لماذا لم ينذروني مثلما فعلوا مع شخص كان صديقا لديانا ثلاثة اعوام وابتعد عنها، عندما هددوه بالقتل، لماذا قتلوا ابني وانا امتلك هذه القلعة الكبيرة التي يعمل بها الآلاف وادفع الملايين للضرائب وأساهم في المشروعات الخيرية.
كاشف الفساد
فرض نفسه على الحياة البريطانية بكل وجوهها من الاقتصاد الى السياسة الى الثقافة والرياضة فأصبح لاعبا اساسيا في ميادين عديدة ولكن يبقى متجر الهارودز هرمه الكبير الذي تخلى عنه اخيرا. تحدى المؤسسة البريطانية العريقة ودخل في صراعات مع وزراء ونواب في البرلمان ورجال اعمال لهم وزنهم المؤثر وحتى العائلة المالكة حيث اتهم زوج الملكة بقتل ابنه دودي وديانا وتلقى اطراءات عديدة لمساهمته عبر صراعاته في كشف الوجه القبيح لبعض جوانب بريطانيا العظمى حيث اظهر درجة الفساد الذي يمارس بدهاء في الاوساط السياسية والثرية.
صاحب صبر وجلد اسطوري، حيث خاض صراعات كبيرة وعديدة بدأت في منتصف الثمانينيات عندما بدأ يسعى لشراء محل هارودز الشهير الذي يعتبره البريطانيون احد رموزهم الوطنية، وكان غريم الفايد وعدوه اللدود في المنافسة على شراء المحل الشهير هو رجل الاعمال البريطاني تايني رولاند الذي كان يملك امبراطورية استثمارية كبيرة تدعى «لونرو» وتنتشر فروعها في ثلاث قارات، فضلا عن املاكه في بريطانيا وملكيته لصحيفة الاوبزيرفر انذاك.
وعندما فاز الفايد بشراء محل هارودز شن عليه غريمه المهزوم حملة اعلامية وقضائية شرسة لم يهدأ غبارها حتى مات رولاند في منتصف التسعينيات، ولكن كان من اثر هذه الحملة سلسلة من الدعاوى القضائية التي طعن بها رولاند في نزاهة الفايد وشكك في اصل ثروته وفي صحة المعلومات التي قدمها عن نفسه وعن املاكه، كما كان من نتيجة الصراع ايضا ان انكشف حجم الفساد والاساليب التي كانت شركاته تلجأ اليها في تجارتها.
صراعات عديدة
ولم يمض وقت طويل حتى دخل الفايد في صراع مرير آخر مع احد وزراء الدولة في حكومة المحافظين حينها وهو النائب البرلماني نيل هاملتون الذي تبادل معه اقصى وأبشع الشتائم بعدما اتهم الفايد الوزير البريطاني بتلقي رشوة منه شخصيا مقابل تيسير مصالحه داخل اروقة الحكومة والبرلمان البريطانيين وبالطبع سرعان ما وصل الامر الى القضاء.
ولاشك ان الفايد يعتبر معركته مع هاملتون تمثل احد اكبر انتصاراته ضمن معاركه المتعددة والتي كسب بعضها وخسر البعض الآخر.
ومن المعارك التي لم يكسبها الفايد، حتى الآن على الاقل، معركته مع وزارة الداخلية من اجل الحصول على الجنسية البريطانية اذ تدعي الوزارة ان الفايد لا يعتبر شخصية حسنة، نظرا لرشوته لوزير بريطاني، الامر الذي يسمح بحرمانه من الجنسية البريطانية رغم انه استوفى جميع الشروط المطلوبة للحصول عليها لكن الفايد رد على ذلك بقوله ان قرار وزارة الداخلية ذو طبيعة سياسية وان الوزارة تحرمه من حق قانوني رغم الخدمات الخاصة التي قدمها للاقتصاد البريطاني.
رحلة الحياة
ولد عام 1929 وسط ظروف غير طبيعية كانت تعيشها مصر فكانت طفولته مكتسية بالبراءة فقد ماتت والدته ويتزوج ابوه امرأة اخرى عاملها محمد بعنف، وعمل ببيع ماكينات خياطة السينجر عندما بلغ 21 عاما وكان يكسب منها 10 جنيهات مصرية في الشهر.
وكان خلاص الفايد في العام 1952 بواسطة صديقه طوسون البراوي، ابن احد العاملين في صناعة الطرابيش، حيث قرر البراوي وصديق له في السابعة عشرة من عمره يدعى عدنان خاشقجي كان يعيش في الشقة المقابلة له البدء في عمل تجاري وراحا يبحثان عن موظف، وكان تقديم الفايد لخاشقجي طالب المدرسة القادم من السعودية كفيلا بتغيير حياته.
كسب ثقة خاشقجي بسرعة فعرض على الفايد عقدا بأجر شهري مقداره 100 جنيه مصري مع نسبة 10% من أرباح الشراكة الجديدة.
تزوج من سميرة خاشقجي بعدها في عمر 25 عاما ليرسم بذلك دخوله لعالم الاثرياء ولتنجب له عماد واصبح الشاب المصري شريك رجل الاعمال السعودي لكنه ما لبث ان عاد الى بلاده بعد الحرب وخلال الاستقلال عن الحكم البريطاني ليؤسس شركة نقل بحري، وتطورت شركة السفن لتحمل اسم جينافكو (شركة الابحار العامة) وتدير عمليات في البحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط وفي عام 1961، عندما امم الرئيس المصري جمال عبدالناصر جميع الشركات الخاصة ترك الفايد مصر، حالفا يمينا الا يعود الى ارض الوطن قبل تعميم الديموقراطية والحرية، حسب قول موقع الانترنت «الفايد دوت كوم» فانتقلت مكاتب «جينافكو» الى ايطاليا، وعمل محمد الفايد مع شقيقيه صلاح وعلي على تطوير الشركة وسرعان ما افتتحوا مكاتب في محلة «ووترلو» في لندن قرب محلات «بال مول» مباشرة.
محطة دبي
محطة بارزة له، كانت في دبي ويعتبر البعض انه كان له دور في بناء دبي الحديثة حيث فتحت اعماله الطريق امام تأسيس شركات واستثمارات عديدة. واصبح الفايد مديرا ومالكا لـ 30% من المجموعة البريطانية للهندسة المدنية «ريتشارد كوستين» واستقطب شركات مقاولات كثيرة الى دبي، منها «برنارد سانلاي» و«تايلور وودرو» وتدين البنية التحتية المتطورة في الامارة بالكثير لرجل الاعمال المصري، فتجد اليوم منزله القديم هناك محافظا عليه كمعلم اثري.
سلطان بروناي
انتقل بعدها الفايد ليبدأ نشاطاته تجارية مع سلطان بروناي حسن بلقيه ليصبح بسرعة قياسية مسؤولا عن ادارة ثروة السلطان ليقنعه باستثمار امواله في بريطانيا التي قصدها عام 1974 للسكن ثم بدأ في توسيع نشاطاته ليتمكن عام 1984 من شراء حصة 30% من محلات «هاوس اوف فرايزر» وبعد اشهر قليلة اشترى الفايد وشقيقاه حصة الـ 70% من الشركة لتبدأ سلسلة دعاوى مستمرة ليصبح الفايد الرئيس التنفيذي لمحلات هارودز عام 1989، وليحمل يوم 8 مايو 2010 فصلا جديدا في تاريخ محمد الفايد المليء بالنجاحات والتحديات والمغامرات عبر بيعه لمتجر الاحلام هارودز في حي نيستبريج اللندني.
الهارودز ومهبط الطائرات
احدى المعارك التي خاضها الفايد كانت ضد سلطات لندن حول مساعيه الرامية الى بناء مهبط للطائرات العمودية فوق مبنى محله الشهير هارودز بوسط لندن غير ان السلطات المعنية رفضت الطلب باعتبار انه حي سكني وان هبوط طائرات الفايد فوق سطح هارودز قد يزعج الجيران، لكن محامي الفايد احتج لان موكله لن يكون الوحيد الذي يستخدم المطار لان الشرطة والاسعاف تستطيعان ايضا استخدامه في حال وقوع حادث طارئ في المنطقة التي تشتهر بالازدحام الكبير في حركة السير غير ان اعداء الفايد الذين يسعون الى النيل من نجاحه التجاري يدعون بأن هدف محمد الفايد الاساسي من هذا المهبط هو التفاخر بأن له مطارا صغيرا يقبع فوق محله الشهير وانه يستطيع الذهاب الى مكتبه بالطائرة دون دخول مدينة لندن المزدحمة، ويهبط فوق رؤوس الجميع.
واشار هؤلاء الى ان الفايد اصبح يشعر بعظمة كبيرة تظهر ملامحها في عدة ممارسات مثل وضع صورته على هيئة فرعون على احد الجدران داخل محل هارودز، وكان الفايد قد حصل على تصديق من هيئة الطيران المدني البريطانية لبناء المهبط فوق سطح هاردوز لكن المجلس المحلي طلب تحقيقا قضائيا في هذا التصديق بعدما احتج السكان على المشروع، وقال المجلس المحلي ان الفايد لابد ان يحصل على تصديق من المجلس لان تصديق هيئة الطيران المدني وحده لا يكفي.
الحمار والتمساح
شن هجوما غير مسبوق على العائلة المالكة البريطانية عام 2006 في مقابلة مع فضائية «سي بي اس» حيث اجاب عندما سئل عن الملكة اليزابيث الثانية والدة تشالز، انها سيدة لطيفة بالاساس، انها الملكة، لكنها لا تتمتع بالسلطة هو الرجل الشرير «اي فيليب»، اما هي فليست سوى مظهر كاذب، ففيليب يقف وراء كل شيء، لديها زوج شبيه برجال العصابات، كذلك لا يتمتع تشالز بأي سلطة، والده هو الذي ينفذ مثل هذه الجرائم الرهيبة انظروا الى ماضيه، والده كان مجنونا وامه سكيرة وعمته تزوجت من جنرال نازي، وعاش فيليب معها انه نازي.
وقال الفايد ان دودي وديانا كانا يعيشان قصة حب وانهما كانا يريدان الزواج وابلغاه بالامر، حيث اشترى لديانا دبلة زواج، وتحدث عن ديانا بأنها كانت تتمتع بشخصية قوية اضافة الى جمالها الشخصي، اذ كانت تملك كل ما يريده المرء في الزوجة، واضاف: لكن الاهبل تشالز خان امرأة مثل ديانا مع امرأة تشبه التمساح، كيف يمكن لرجل ان يصحو من النوم والى جانبه امرأة وجهها يشبه وجه الحمار، وعلاوة على ذلك فهو يرغب في ان يصبح ملكا.. لا اعتقد انه يتمتع بأي حظوظ لذلك.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.