قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن بيانات وزارة المالية أظهرت أن الميزانية العامة للدولة سجلت عجزا ماليا بقيمة 1.7 مليار دينار في أول 9 أشهر من السنة المالية الحالية (2023/2024)، وذلك بعد تحقيق فائض استثنائي في الفترة المماثلة من العام المالي السابق، حيث يعزى هذا العجز لعدد من العوامل التي تضمنت تراجع العائدات النفطية بشدة والارتفاع الكبير للنفقات بمستويات تخطت المتوسطات التاريخية.
وأضاف «الوطني» أنه نظرا لأن أسعار النفط لم يطرأ عليها تغير كبير حتى الآن في عام 2024، وبافتراض القفزة المعتادة التي تشهدها النفقات قرابة نهاية السنة المالية، فمن المرجح اتساع فجوة عجز الحسابات الختامية للسنة المالية 2023/2024، ويسلط تحول مسار الموازنة مرة أخرى لتسجيل هذا العجز الضوء على استمرار تأثر المالية العامة بتقلب الإيرادات النفطية والتأثيرات الهيكلية لارتفاع النفقات الجارية.
وأشار التقرير إلى بلوغ عجز الميزانية نحو 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لفترة التسعة أشهر الأولى (أبريل-ديسمبر) من السنة المالية 2023/2024، مقابل تسجيل فائض قدره 10.1 مليارات دينار في الفترة المماثلة من السنة المالية 2022/2023.
ويعتبر السبب الرئيسي لنحو نصف هذا التراجع الذي شهدته الميزانية على أساس سنوي إلى تقلص الإيرادات نتيجة لانخفاض أسعار النفط وتخفيض «أوپيك» وحلفائها لحصص الإنتاج، والذي تم تمديده أخيرا حتى منتصف عام 2024، أما النصف الآخر فيعزى لزيادة النفقات.
وذكر التقرير أنه على الرغم من أن هذا الأمر كان متوقعا بسبب الحجم القياسي الذي وصلت إليه الميزانية (بما في ذلك بعض البنود الاستثنائية)، إلا أن الصرف نسبه للمخصصات كان أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، والذي قد يعتبر مؤشرا على تغيير ممارسات إدارة الحسابات.
ورغم ذلك، فإن جزءا كبيرا (9 مليارات دينار أو 35%) من النفقات المدرجة ضمن الموازنة لم يستخدم بعد، ومع وصول نسبة الإنفاق الفعلي/المرصود في الموازنة إلى نحو 95%، فمن المرجح أن تتسارع وتيرة الإنفاق خلال الأشهر الأخيرة من العام المالي الحالي.
وأشار تقرير الوطني إلى أنه بالإضافة إلى انخفاض متوسط أسعار النفط حتى الآن في الربع الأخير من السنة المالية 2023/2024، من المرجح أن يتسع العجز إلى أكثر من 3 مليارات دينار بنهاية السنة المالية، بما يتجاوز توقعاتنا السابقة البالغة 2.2 مليار دينار.
ارتفاع النفقات الجارية
وأشار التقرير إلى أن التسعة أشهر الأولى من العام المالي الحالي شهدت قفزة كبيرة في إجمالي النفقات بنسبة 56% على أساس سنوي إلى 17.2 مليار دينار، أي ما يعادل 65% من مخصصات موازنة العام بأكمله.
وارتفعت النفقات الجارية، التي تشكل الغالبية العظمى، بنسبة 59% على أساس سنوي إلى 16.5 مليار دينار، في ظل زيادة كافة فئات الإنفاق، إلا أن معظم تلك الزيادة اتجهت لتعويضات العاملين والسلع والخدمات والدعوم، والتي ارتفعت بشكل حاد مقارنة بالعام السابق.
وأوضح التقرير انه يمكن أن يعزى سبب ارتفاع النفقات جزئيا لحجم الموازنة الكبير، والتي أضافت 3.3 مليارات دينار للنفقات الجارية، نصفها تقريبا (1.6 مليار دينار) عبارة عن متأخرات استثنائية غير مكررة وبدلات الإجازات.
ويأتي الباقي من الزيادات المدرجة في الميزانية ضمن بنودها الأخرى بما في ذلك الأجور والرواتب، والضمان الاجتماعي، وتكاليف المعيشة ومكافآت الطلاب، والأدوية التابعة لوزارة الصحة. كما ارتفع الإنفاق خلال التسعة أشهر الأولى من العام كنسبة مئوية من مخصصات الميزانية بمعدل تناسبي بنسبة 87% في السنة المالية 2023/2024 مقابل 63% فقط في العام السابق، ما يعكس ارتفاع وتيرة الإنفاق بمعدلات أعلى من المعتاد. وجاء ارتفاع النفقات رغم انخفاض متوسط أسعار النفط (-16% على أساس سنوي) ما يؤدي عادة لانخفاض النفقات المرتبطة بالدعوم على الوقود ضمن إطار الدعوم والسلع والخدمات.
تراجع الإنفاق الرأسمالي
وعلى صعيد الإنفاق الرأسمالي، ذكر التقرير أنه استمر بالتراجع إذ انخفضت النفقات بوتيرة تراكمية خلال فترة التسعة أشهر الأولى من السنة المالية بنسبة 6.2% على أساس سنوي لتصل إلى 763 مليون دينار فقط. وبلغت النفقات نحو 39% من مخصصات موازنة العام بأكمله، والتي بلغت أدنى مستوياتها أخيرا عند 1.83 مليار دينار.
ويعكس انخفاض الإنفاق الرأسمالي استمرار الاتجاه السلبي على مدار عدة سنوات على الرغم من المشاريع الكبيرة التي تم إدراجها ضمن الخطة التنموية للدولة، ما يفسح المجال لزيادة النفقات الجارية، ويعكس القيود المستمرة على السيولة.
وإضافة إلى ذلك، قد يعزى هذا الانخفاض للاضطرابات السياسية التي شهدناها على مدار السنوات القليلة الماضية، والتي قد تكون أثرت على عملية صنع القرار وتنفيذه. ورغم ذلك، كانت وتيرة الانخفاض أبطأ مقارنة بالسنوات السابقة، ما يعني ضمنا إمكانية استقرار النفقات قبل عودتها إلى مستويات تتفق مع أهداف التنمية طويلة الأجل. وسيعتمد ذلك على الإصلاحات المعززة للسيولة، والتي قد تحفز انتعاش النفقات الرأسمالية.
انخفاض الإيرادات
وفيما يخص بند الإيرادات، أشار «الوطني» إلى أنه انخفض بنسبة 27% على أساس سنوي إلى 15.5 مليار دينار في التسعة أشهر الأولى من السنة المالية 2023/2024، ليصل إلى 79% من موازنة العام بأكمله، منخفضا عن المستويات التاريخية وذلك رغم الافتراضات المتحفظة لإيرادات الموازنة. ويعزى هذا الانخفاض للارتفاع الاستثنائي للإيرادات النفطية في السنة المالية السابقة، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، وتقليص الإنتاج إلى 2.55 مليون برميل يوميا مقارنة بما هو مقدر بالموازنة عند 2.65 مليون برميل يوميا، وذلك على خلفية القيود التي فرضتها منظمة الأوپيك.
وفي ظل توقع استمرار القيود المفروضة على حصص الإنتاج حتى منتصف 2024، وتراجع النفط منذ بداية العام الحالي حتى الآن، فقد تقترب الإيرادات النفطية من توقعات الموازنة البالغة 17.2 مليار دينار بنهاية السنة المالية. وفي الوقت ذاته، بلغت الإيرادات غير النفطية 1.2 مليار دينار، أي ما يعادل نسبة 51% من موازنة العام بأكمله. ومع اقتراب إغلاق السنة المالية في نهاية مارس الجاري قد تنخفض الإيرادات غير النفطية قليلا مقارنة بالزيادة البالغة 10% المرصودة في الموازنة العامة.
الحساب الختامي قد يسجل مستويات قياسية
قال تقرير بنك الكويت الوطني، إنه نظرا للحجم القياسي لموازنة السنة المالية 2023/2024 ووصول القيمة التراكمية للنفقات خلال التسعة أشهر الأولى من السنة المالية لمستويات أعلى بكثير من المتوسطات المعتادة، يبدو أن النفقات في طريقها للوصول إلى مستوى قياسي في الحساب الختامي للسنة المالية 2023/2024 – وإن كانت حالة عدم اليقين تجاه الحجم الذي قد تصل إليه القفزة الكبيرة التي عادة ما تشهدها النفقات بنهاية العام تزيد من صعوبة التوقعات.
وأضاف التقرير أن مشروع موازنة السنة المالية 2024/2025 يتوقع انخفاض النفقات بنحو 1.7 مليار دينار أو بنسبة 6.6% على أساس سنوي، إلا أن ذلك يرجع في الغالب لإغفال البنود غير المتكررة التي تضمنتها الموازنة السابقة كما أشرنا سابقا، إلى جانب استمرار ارتفاع النفقات الجارية المتكررة (معظمها ضمن بنود الأجور والدعوم).
وفي ظل استمرار ارتفاع النفقات إلى مستويات حرجة، سيصبح تعرض المالية العامة لتقلبات أسعار النفط أكثر وضوحا، ما يؤكد ضرورة تطبيق إصلاحات سريعة لمعالجة نقاط الضعف الهيكلية وتعزيز الاستدامة المالية.
.. والبنك يشدد على مراجعة العمليات المصرفية بانتظام لتحديد المعاملات المشبوهة
في إطار حرصه على المشاركة الفاعلة في رفع الوعي وتعزيز الشمول والثقافة المالية لدى كل الشرائح المجتمع، يواصل بنك الكويت الوطني دعمه لحملة التوعية المصرفية «لنكن على دراية»، والتي أطلقها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع البنوك المحلية واتحاد مصارف الكويت.
ويسلط «الوطني» الضوء خلال هذه الحملة، على ضرورة مراجعة العمليات المصرفية التي تم القيام بها، أو مراقبة تقارير الائتمان الخاصة بك لتحديد أي معاملات غير مصرح بها أو مشبوهة على الفور.
وتتم عمليات الدفع غير المصرح بها في حال سرقة بطاقات الائتمان أو سرقة البيانات المصرفية والشخصية أو اختراق الهاتف الذكي من خلال تطبيقات مزيفة، لذلك ينصح البنك الوطني بمراجعة العمليات المصرفية بانتظام بحثا عن أي معاملات غير مألوفة، وتغيير كلمات المرور بانتظام وعدم إعادة استخدامها أو توحيدها لحسابات متعددة.
ويشدد «الوطني» على ضرورة توخي الحذر من الطلبات غير المرغوب فيها للحصول على معلومات شخصية مع تجنب النقر على الروابط المشبوهة أو مجهولة المصدر، وكذلك تنزيل المرفقات والتطبيقات باستخدام شبكات Wi-Fi العامة، أو إجراء أي معاملات بنكية باستخدام هذه الشبكات لأنها غير آمنة.
كما نصح «الوطني» بضرورة استخدام كلمات مرور قوية تحتوي على حروف وأرقام ورموز يصعب تخمينها للحفاظ على أمان بطاقاتك المصرفية وبياناتك الشخصية، مع الاطلاع دائما على أحدث اتجاهات الاحتيال وتثقيف النفس حول أفضل الممارسات لمنع المدفوعات المشبوهة أو غير المصرح بها.
ويؤكد «الوطني» أن البنك لن يطلب معلومات شخصية عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية، محذرا العملاء من الرد على تلك الرسائل التي تمثل محاولات احتيال الهدف منها الحصول على معلوماتهم المصرفية لسرقة أموالهم أو بياناتهم.
ويكثف «الوطني» من حملات التوعية عبر نشر المواد التثقيفية والمحتوى التوعوي الذي يتضمن فيديوهات مصورة ورسائل نصية ونصائح عبر كل منصات التواصل وجميع قنوات البنك الإلكترونية، إضافة إلى إعادة نشر رسائل بنك الكويت المركزي، وذلك لرفع الوعي لدى كل شرائح المجتمع وتوعيتهم بأساليب الاحتيال المختلفة وكيفية تفاديها.
ويسخر «الوطني» كل إمكاناته الهائلة في التواصل مع العملاء وجميع قنواته الإلكترونية التي تحظى بمتابعة هي الأكبر على مستوى البنوك الكويتية لدعم حملة جهود بنك الكويت المركزي في حماية العملاء والاقتصاد.
اكتشاف المزيد من موقع نايفكو
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.